من الواضح أن عفاش والحوثي فضلا صيغة المجلس السياسي بينهما على رؤية ولد الشيخ التي كان يمكن البناء عليها لتسوية سياسية للانقلاب والحرب.
لكن: هل قد يفرق الأمر هنا عن اللجنة الثورية التي كان يرأسها محمد علي الحوثي؟!
يظن عفاش أن البرلمان أكثر شرعية من لجنة الحوثي التي لم تكن تستند إلا على إعلان انقلابي هش، فيما البرلمان سيستند على تفعيل الدستور الراهن، ويخطط للإطاحة بهادي عبره بناء على خطاب استقالته قبل عامين، ومنح الثقة للمجلس السياسي المشترك بينه وبين الحوثي، مع أن هذا الأمر من الناحية الدستورية البحتة غير دستوري فليس في الدستور نقل الرئاسة لمجلس سياسي، إن كان عفاش يجادل بذلك.
كما أن البرلمان نفسه منتهي الصلاحية في 2009، ومدد له مرتين بتوافق سياسي واسع، آخرها في المبادرة الخليجية التي اشترطت أن تكون قراراته بالتوافق مقابل التمديد. والأمر الآخر أن هذا البرلمان لا يملك قرار نفسه في ظل سيطرة المليشيا بدليل خضوعه لحل الاعلان الدستوري الحوثي لعام ونصف ولم يجتمع خلالها، والضعيف بذاته لا يمنح القوة لغيره.
من حيث المشروعية لا أتوقع أن إعادة تفعيل البرلمان قد تمنح المجلس الحوثي العفاشي بعض المشروعية، فالأمر لن يختلف عما كان عليه الأمر مع اللجنة الحوثية. الفارق فقط أن العالم سيتعاطى مع حكومة شرعية بقيادة هادي، ومع مجلس انقلابي يتمثل فيه عفاش رسميا لأول مرة، وإلا فدول ?? الراعية لعملية السلام في اليمن وهي الدول دائمة العضوية في مجلس الامن ودول الخليج ودول مهمة كالمانيا واليابان عبروا جميعهم عن رفضهم لهذه الخطوة: إعلان المجلس السياسي الأعلى.
يدرك عفاش هذه الحقيقة أن مجلسه هذا لن يعترف به، ولا يمكنه ايضا ان يكون صيغة نهائية للحكم بناء على المعطيات السياسية والاقتصادية والعسكرية الراهنة، وربما الفكرة التي يسعى لها من خلاله هي مقايضته بهادي في أي مفاوضات قادمة، ويظن أن هذا الأمر قد يكون مقبولا لبعض القوى الدولية.
كما أن هذا المجلس وإن تم تسليمه مؤسسات الدولة من مليشيا الحوثي، واخضاعها لقوات نظامية توالي عفاش ومطعمة بمليشيا للحوثي تم استيعابها في الجيش والامن، فإن ذلك قد يمثل التفافا وتحايلا على مطالب انسحاب المليشيا من المدن والمؤسسات وتسليمها للسلاح الثقيل.
لكن، ما الذي قد يخسره عفاش من خلال هذه المناورة؟!
من الواضح أن لها كلفتها العسكرية التي سيكون على عفاش والقوات الموالية له دفعها. فبعد الاتفاق سيكون على عفاش المساهمة أكثر في الحرب، و أيضا دفع كلف أكثر مما قبل..
وبالفعل عادت طائرات التحالف لاستهداف معسكرات ما كان يعرف بالحرس الجمهوري، القوات الخاصة في منطقة الصباحة بصنعاء، ومعسكرات الصمع وبيت دهرة والفريجة، وهي ثلاثة معسكرات مهمة للحرس في أرحب وتمثل مجالا حيويا للعاصمة وعمران، مع أن التحالف كان قد توقف عن قصفها منذ أكثر من عام.
فالخبر المتزامن مع المجلس السياسي عن اعادة بناء الحرس بمبلغ مليار ريال، واستدعاء قواته التي ذهب معظمها للبيوت، يجعلها عرضة لضربات التحالف، كما أن هذا الأمر يعزز من خيار الحسم العسكري في العاصمة صنعاء على طاولته، واستبعاد فكرة البناء على تحييد القوات التي لا تزال تتواجد هناك.
ما بعد الكويت، ومع مجلس عفاش الحوثي سنشهد جدلا عن المشروعية، إلا إن هذا لن يكون فارقا من الناحية السياسية ومن جهة التوصيف القانوني للحرب بين شرعية وانقلاب.
الفارق أن التصعيد العسكري قد يكون أكبر هذه المرة، وقد نشهد توسع في قائمة أهداف التحالف، والتي كانت قد تقلصت كثيرا مع مفاوضات الكويت، وربما تستحدث قوات الشرعية بعض المعطيات العسكرية الجديدة باتجاه العاصمة وعمران، وعلى جبهتي ميدي وتعز.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "يمن شباب نت"
حقوق النشر محفوظة 2016 © "يمن شباب نت"
اقراء أيضاً
مقاربة الأداء الأمريكي في الأزمة اليمنية..
لا مستقبل للإنقلاب
مجلس لإدارة خلافات الحوثي وعفاش لا أكثر...(تحليل)