تعصف الفوضى في تعز منذ فترة وتترك المجال لفرصة أكيدة للانهيار والاقتتال بين رفاق السلاح وتفويت عودة الدولة، لماذا؟
فرضت قوى الانقلاب الحوثية الصالحية حصارا خانقا مدفوعة برؤى انتقام واستهانة وحقد على مدينة تعز، وهي مدينة تأخرت كثيرا في للتنميق بالسلاح وامتداح العسكرة والمسلك القبلي وكانت هذه النقطة أمام فشل مشروع التحديث ودولة القانون نقطة ضعف تعز وعقدتها.
وقد تعزز الحصار بعد خروج مهين لقوى الانقلاب من مدينة عدن في أيلول ????. دارت معارك شوارع ضارية مع قوى مقاومة فتية وجيش يتيم حديث التكوين معزول ومشتت وكتيبة مدرعات بلا مدرعات.
انكسر الحصار جزئيا وانتقلت قوى الانقلاب إلى الأرياف لإعادة تشكيل طوَّق حصار أوسع وقطع طريق الامتداد إلى المدينة والشريان الوحيد القادم من عدن.
عدى معركة السهم الذهبي التي سيطرت فيها القوات التي نفذتها (وهي من خارج تعز في مجملها) على الشريط الساحلي الغربي لمحافظة تعز فان معارك الريف تراوح مكانها وترفع من الكلفة الإنسانية لسكان مناطق خطوط التماس في صبر والصلو ومديريات مقبنة وشمير والشمايتين والمواسط.
عادت الحياة جزئيا إلى المدينة كمقابل لانتصار جزئي على الحصار لكن الدولة لم تعد كليا، تعز المدينة او المحافظة هي الجغرافيا الأكثر تسييسا في اليمن ولهذا فان الانقشاع الجزئي للحرب وفر عودة مشوهة للمجال السياسي.
تُمارس السياسة بأدوات الاقتتال سيما والقوى المقاومة هي لفيف من الكتل السياسية التي تفترق كليا في ثقافتها السياسية وتجربتها في هذا المجال، جهاز الدولة هو الأخر جزء مشوه لأنه كان ملكا للحزب الحاكم (حزب المؤتمر الذي يشكل حصان طروادة الحوثي والذي عبّد الطريق للغزاة الجدد في هذه المحافظة وفِي عموم اليمن الى حد كبير).
لذا عادت الدولة بصورة مشوهة ومنقوصة لاجترارها الآليات القديمة في التعامل مع الوظيفة العامة ؛ المحسوبية والشللية والفساد والإفساد، ثمة خطر اكبر وهو من ناحية تنامي الجماعة الدينية المتطرفة في المدينة وإشاعتها للدعشنه، ومن ناحية أخرى طبع المدينة إعلاميا بصورة الفوضى والانهيار والمفاتنات المجانية.
عدم إشراك تعز في إنجاز تحرير شاطئها هو حرمانها من مقدرات الجغرافيا ومن بعد نفسي مهم في الأخذ بزمام الأمور، وتظهر بوضوح مساوي نصف الأعمال، لان الذي حرر الشاطئ جعل بينه وبين القوى المقاومة حول المدينة منطقة عازلة هي من قوى الانقلاب الذين يمتدون كسهم من أعلى شمال غرب المحافظة وحتى كهبوب في التماس غربا بين لحج وتعز، والأمر مدهش انه يرفض الالتحام بقوى المقاومة ودحر الانقلابيين واستكمال تحرير المحافظة ويستأنس خطر الانقلابيين بينما هم يرجمون مدينة المخا بالصواريخ على الدوام.
وصحيح القول أن تعز تدفع ثمنا كبيرا- إلى جانب وقوفها ضدا لفكرة إعادة التشطير وهي رغبة مشتركة بين الحوثيين وصالح او ثلة في الحراك - للمناكفات الداخلية بين القوى السلفية الصاعدة والإصلاحيين المعتقين والمتجذرين كثيرا، ومقابل غياب طريق مختلف فان المأساة ستكبر والخطر الأكبر قادم.
كما أن تراخي الحكومة عن إنقاذ المدينة هو تأكيد على فشلها أيضا وقبل هذا فشل التحالف العربي في حماية الشعب اليمني كما هي أهدافه المعلنة.
يقع على عاتق القوى الاجتماعية والثائرة في تعز مسؤولية كبيرة في إنجاز استعادة المحافظة وتثبيت أركان الدولة دون الغرق في وحل التقاسم للغنائم والتهاون عن القتال او عن إدارة مصالح الناس.
لقد قدمت المحافظة تضحيات كبيرة لا يليق بها إلا خلاص حقيقي يعود بالنفع عليها وعلي اليمن إجمالا.
*من صفحة الكاتب على فيسبوك
اقراء أيضاً
لا يسود بالدعاية فقط
حان الوقت أن تستمعوا للشعب!
كارتيل الموت في صنعاء يدافع عن المبيدات