غالبا ما يتكون في شخصية القاضي ذلك الحس القسري بمهابة القانون وعظمة فكرة العدالة.
أيا تكن نوازعه وضروب جنوحه لاقتراف الخطأ سيظل ذلك الجانب الصميم والعميق في شخصيته حالة من مقاومة الخطايا، حتى وبعضهم يتسلم رشوة ما سيظل يحتال بكل طريقة ليصل بالقضية للمسافة القريبة من العدالة ليحظى بعدها بالانسجام نوعا ما.
في شخصية كل قاض ثمة حارس تكون عبر السنوات والتجارب ومطارحات القانون.
هذه المقدمة التي تبدو شكلا من التودد والتهذيب معكم، هي حقيقة وإن بدت على قدر من اتباع مبدأ التفهم وحق القاضي في الحصول على عدالتنا الأخلاقية.
عدالتنا نحن الذين لم يعد لدينا من حائط حماية غير ما نعتقده من نزاهة وصميميه مؤسسة القضاء، هذه المؤسسة التي تبقى دائما شاهدا على بقاء فكرة الدولة أيا تكن التحولات والمآلات، المؤسسة الجذر او الخامة الأساسية والمادة الأولية التي تنسج الحياة اليومية حولها شخصية الدولة.
وأيا يكن موقف المواطن من هذه الدولة، ينكرها او يخشاها او يتقبلها على مضض او ينبذها تماما فهو يظل يراهن على القضاء، القضاء بوصفه جداره الأخير في اي نظام حكم واثناء أي فوضى او تغول شخصيات وجماعات ما.
في حال تمكنتم من منح زميلكم حمران عدالة لائقة به، ستكونون قد وضعتم الحقيقة الجوهرية لصميميه المؤسسة القضائية في وجه التجريب والاستخفاف بحياة البشر، ستمنحوننا حسا ما بالأمان من كون هناك ثمة حق اسلوبي قاطع غير قابل للتأويل يمكننا الاستناد إليه، شكل من المران المجتمعي على اتباع اساليب لا تزال ناجعة في دفاعهم عن حقوقهم بوجه اي حالة تجبر وضدا لكل المتنفذين، الأمر الذي يترتب عليه امتلاك القدرة والجسارة على مقاضاة كل نمط للبلطجة واستخدام الوظيفة العامة والانتماء لقوة السلطة في قهر الإنسان واستلاب حقوقه وآدميته.
هذا الإضراب سلوك لا يتهدد الدولة كوجود وامر واقع، بالقدر الذي يعزز فكرة نشوئها وإمكانية تناميها، بدون قضاء ستكون الحياة مجرد رفع الكلفة بين البشر والوحشية، بين الدولة والفوضى.
نحتاج قضاة شجعان ونزيهين لنمضي في تفاصيل حياتنا هنا برهان ان هناك حائط صد أخير، وأن لدينا انماطا من رفض الظلم والاستقواء لا تزال بمتناول مجتمع مقابل طموحك بحكمه يجب ان تمنحه أداة آمنة وعادلة يدافع بها عن نفسه ويركن عليها ولو قليلا، والمؤسسة القضائية هي هذه الأداة التي تقدمها أعتى الأنظمة واكثرها استحواذا او ديموقراطية، هي هكذا شكل من حق وجدار أخير لا يسقط بالتحولات وتغيير ملامح السلطة الحاكمة.
تمسكوا بإضرابكم، لتتحقق العدالة ونتدرب على انتزاعها، ونتعلم كيف نكون مواطنين يحرسهم القضاء ويتعلمون من جانبهم ومن خلال هذا التدافع أبجد العلاقة وبيان الاعتراف المتبادل بين المواطن والسلطة.
رحم الله القاضي حمران وليكن إلى جواركم رب العالمين فأنتم بحماية إرث وحق زميلكم ستحمون واقع ملايين البشر وفكرة دولة يحتاجها القاتل والقتيل.
عدالة القضاء ومهابته وهي تكشف الحد الفاصل في المعضلة، معضلة ما إن كنا نرفض الاعتراف بهم كسلطة ام انهم هم من يرفض الاعتراف بنا كمواطنين.
اقراء أيضاً
السنوار بطل الوعي الجمعي
نبدو غرباء أكثر
هذا العلم لايزال يغطيكم جميعاً