خلال ثمانيات القرن الفائت، تآلف الإخوان المسلمون في مصر مع باقي الأحزاب ذات التوجه الإسلامي لخوض الانتخابات النيابية، واتخذوا لأول مرة الشعار (الإسلام هو الحل) شعارًا رسميًا لحملتهم الانتخابية، وقصد الإسلاميون بهذا الشعار أن تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية كفيل بحل المشكلات التي تواجه المجتمعات.
يحتوي المجتمع المصري على أقلية مسيحية تشكل ما لا يقل عن ???? من عدد السكان، أي بما يعادل سكان خمس دول خليجية على الأقل، كما توجد في مصر نسبة ضئيلة من اليهود ومن معتنقي ديانات أخرى غير معترف بها كالقديانية والبهائية، ولا يقصد الإسلاميون من وراء شعارهم هذا أن يسلبوا هذه الأقليات حقوقها، لكنهم لم يقولوا بعد ذلك كيف يمكن لهذا الشعار أن يدير الدولة والمجتمع.
ربما وجد الإسلاميون أن دينهم يجرم السرقة والرشوة وينهى عن الفساد ويدعو للحرية والعدل والمساواة، وهي أمور تتفق مع غايات بناء وإدارة الدولة، لكن هذه الغايات تحتاج لآليات وبرامج عمل تنتجها المعرفة والتجارب البشرية التي تتراكم وتصيب وتخطئ، كما أنها غايات مشتركة بين مختلف الأديان والأفكار، وقد قامت دول وحضارات ونجحت في إيجاد الحلول الشاملة لشعوبها ومجتمعاتها دون أن تكون مضطرة للافتئات على الأديان وتحميلها أخطاء تجاربها وممارساتها.
يدير الصينيون واليابانيون دولتيهم بنجاح كبير، وتحتل الدولتان المرتبة الثانية والثالثة من بين أقوى اقتصادات العالم، رغم أن معظم سكان الدولتين لا يتبعون ديانة سماوية، فيما تقف أمريكا على رأس دول العالم اقتصاديًا وعسكريًا، ولا تقول أن المسيحية هي الحل، الهند هي الأخرى تقف في المرتبة السابعة اقتصاديا وتمتلك رابع أقوى جيوش العالم، ولم يقل أحد من الهنود أن البقرة هي الحل.
الأمر إذًا يتعلق بالإنسان، بالمعرفة وبرامج العمل، بالإرادة والإدارة، وبالقادة الملهمين الذين يحدثون الفارق، وأعجب الملايين من متابعي كرة القدم بأداء اللاعب المصري محمد صلاح في منافسة أبطال أوروبا، صلاح الذي صار أيقونة كروية وحصل على جائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي، وأحدث صيتًا عالميًا بأخلاقه وأدائه واعتزازه بهويته.
أضحى محمد صلاح شخصية ملهمة لدى الجماهير العربية التي تعاني من الخيبة والخذلان وغياب القادة الملهمين، وصار بطلًا قوميًا مصريًا لا يختلف عليه اثنان، كما أسس جمعية خيرية باسمه ترعى أكثر من ثلاثة آلاف محتاج مصري شهريًا، وتبرع بجهاز لسرطان العظام بقيمة 12 مليون جنيه، و10 ملايين جنيه لدعم البنية التحتية في طنطا، وغيرها من الأعمال الخيرية التي قدمها صلاح منذ بداية مسيرة احترافه في الأندية الأوروبية.
ورغم أن اللاعب محسوب على التيار الإسلامي المحارب في مصر بشكل أو بآخر، إلا أن صلاح استطاع بشرعية إنجازه وبشغله الفارق أن يفرض حبه وتأثيره في أوساط النخب والجماهير، ليقول لنا وبكل وضوح أن الإنسان هو الحل.
*من صفحة الكاتب على فيسبوك
اقراء أيضاً
غادروا البلكونة إخوتي!
القردعي.. جدي أنا!
كنت معلمًا في أرحب!