تساءل معهد أمريكي عن قدرة المحادثات السعودية - الحوثية على ضمان تحقيق سلام مستدام ينهي الصراع باليمن، أو تمهد الطريق للمحادثات بين اليمنيين، مشيراً إلى أن الجمود المستمر الذي أعقب انتهاء الهدنة - أي حالة اللا سلام واللا حرب - قد ساهم في تقدم المحادثات السعودية -الحوثية في الأشهر الأخيرة.
وقال تحليل لمعهد الشرق الأوسط، الأمريكي «MEI» - ترجمة "يمن شباب نت"- "بأن التحالف فشل في تحقيق أهدافه المعلنة من خلال الحملة العسكرية التي استمرت ثماني سنوات، وتريد الرياض الآن تطبيع الوضع الراهن غير المرغوب فيه من خلال الحوار مع الحوثيين وحتى إيران".
وكان المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانز غروندبرغ، الذي التقى مؤخراً مع الحوثيين وكبير الوسطاء العماني في مسقط، ينتظر انفراجه لاستئناف جهود الوساطة مع الاستفادة من دعم الجهات الإقليمية، بما في ذلك عمان والمملكة العربية السعودية.
وأشار المعهد الأمريكي "بأن معالجة اختلالات القوة هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها إيجاد طريق للسلام المستدام في اليمن، وليس عبر تعزيز موقف الحوثيين على حساب بقية أطراف الصراع وأبرزها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا".
ولفت بأن "الاتفاق ما بين السعودية والحوثيين سيكون له العديد من التداعيات المباشرة الغير مرغوبة، فبالنسبة للحوثيين سيحصلون على اعتراف إقليمي وتأييد لروايتهم الحربية، وإلى حد ما قد يفيد ذلك الجماعة في إعادة هيكلة تحالفاتها المحلية على المدى القصير، لا سيما مع الجهات الفاعلة المهتمة بلعب دور في مرحلة ما بعد الاتفاق، ولكن يبقى أن نرى كيف يمكن للحوثيين، إن حدث ذلك احتواء تصاعد السخط الشعبي ضد فرضهم نظامًا أخلاقيًا متخلفًا".
"إذا كان الحوثيون سيحصلون على تمويل الرواتب بحيث يسيطرون على الأموال بشكل مستقل عن تسوية أوسع، فإن ذلك سيشدد قبضتهم على السلطة، ويعيد تشكيل التعاطف العام، ويسمح لهم بتحسين وضعهم الاقتصادي، خاصة إذا اختاروا التصعيد للتصدي لاختلال موازين القوى في أي وقت"، بحسب المعهد الأمريكي.
السؤال الذي يطرح نفسه بعد ذلك هو ما إذا كانت سلة المكاسب هذه ستحفز الحوثيين على الانخراط بحسن نية لإنهاء الصراع متعدد الأوجه في اليمن.
وبحسب جيرالد فيرستين، السفير الأمريكي الاسبق في اليمن ومدير برنامج شبه الجزيرة العربية في معهد الشرق الأوسط، لا تحفز المفاوضات السعودية الحوثية الحوثيين على التحدث مع الحكومة اليمنية والوفاء بأي اتفاق مستقبلي "نظراً لسجلهم الحافل بعدم احترام الاتفاقيات التي ترمي بالسعوديين خارج اليمن، والتي كانت أولويتهم منذ البداية، وقد تعمل فقط على تقليل احتمالية إنهاء الحرب الأهلية".
بالنسبة للسعودية، من المرجح أن تؤدي الصفقة إلى تحييد قصير المدى للهجمات عبر الحدود، بالتوازي مع وقف الضربات الجوية للتحالف، لكن ليس هناك ما يضمن أن إيران لن تؤثر على أنشطة الجماعة في المستقبل، إذا ما تمكنت من التغلب على الاضطرابات الداخلية الخاصة بها. في نهاية المطاف، كان دعم طهران العسكري والتكنولوجي والاستشاري للحوثيين هو ما سمح لهم بمقاومة وتغيير طبيعة الصراع في نهاية المطاف.
في سبتمبر 2019، تعهد مهدي المشاط، القيادي البارز في تمرد الحوثيين، بوقف الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار عبر الحدود على المملكة العربية السعودية، لكنها استؤنفت بعد بضعة أشهر واستمرت طوال مارس 2022.
من المرجح أن تكون الحكومة أضعف لاعب تفاوضي نظرًا لتشرذمها وتعدد الجهات الفاعلة الفرعية والمصالح وأجنداتها، لن تتفاقم هذه المشكلة إلا إذا توصل الحوثيون إلى صفقة سعودية-حوثية على أساس تفاهم سعودي إيراني.
وربما يكون تشكيل المجلس الرئاسي قد مهد الطريق لاتفاق هش بالنظر إلى النفوذ الإقليمي ومستويات الحكم الذاتي المحدودة، ولكن منذ الربيع العربي، ثبت أن تنفيذ اتفاقيات السلام - بافتراض أن الحوثيين سيلتزمون بها - معقد وطويل الأمد وغير مكتمل، بل إنه في أحسن الأحوال، مجرد وصفة لحلقات أخرى من العنف. حيث يزيد انتشار الجماعات المسلحة التي تسيطر على أجزاء مختلفة من البلاد والتي تتعارض أهدافها في جوهرها من تعقيد تنفيذ أي اتفاق سلام.
بالنظر إلى هذه الحسابات، هناك عدد قليل من السيناريوهات المحتملة إذا توصلت المملكة العربية السعودية والحوثيين إلى اتفاق تدعمه إيران، ولكن فقط من خلال معالجة اختلالات القوة يمكن إيجاد طريق للسلام المستدام في اليمن.
مالذي يدور في المحادثات السعودية الحوثية؟
قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، متحدثًا في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا في 18 يناير 2023، "نحن بحاجة إلى إيجاد طريقة لإعادة الهدنة اليمنية ولكن بعد ذلك نحتاج إلى العمل على تحويلها إلى حالة دائمة "، في إشارة إلى الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة والتي انتهت في أكتوبر.
تتفهم السعودية بشكل متزايد حدود دبلوماسية الأمم المتحدة بالنظر إلى تكتيكات الحوثيين وأهدافهم، فإن الحوثيين يفهمون التحول الاستراتيجي في أولويات ومصالح قيادة التحالف، والأهم من ذلك رغبة الرياض في إنهاء الصراع الذي طال أمده.
ورأى المعهد الأمريكي ان "أن الحوثيون سمحوا عن عمد بانتهاء صلاحية الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة لتكثيف محادثاتهم غير المباشرة مع السعودية من أجل تأمين محادثات مباشرة - وهو مطلب طالما عبروا عنه لتغيير طابع الصراع ونطاق المكاسب التي يمكن تحقيقها".
ازدادت أهمية المحادثات السعودية-الحوثية بشكل كبير بعد انهيار الهدنة في أكتوبر 2022 بعد أن زار وفد سعودي صنعاء ووفد حوثي زار أبها في محاولة لتحسين العلاقات. هناك ثلاثة عوامل رئيسية تلعب هنا.
أولاً: سعت المملكة العربية السعودية إلى إيجاد مخرج منذ عام 2020 على الأقل؛ لقد أدركت ذلك والآن تعمل جزئيًا على كيفية القيام به، بغض النظر عن موقف الحكومة اليمنية.
ثانيًا: السعودية مستعدة الآن لتقديم أكثر مما قدمته في الماضي. حيث استمر الحوثيون في الضغط للحد من خيارات الرياض من خلال الاستجابة بشكل إيجابي لأكبر عدد ممكن من المطالب.
ثالثًا: ربط الحوثيون مشاركتهم في المحادثات اليمنية الداخلية بترتيبات مع الرياض، مع إعطاء الأولوية لأمن الحدود والهجمات عبر الحدود، على وجه الخصوص، تريد السعودية منطقة عازلة على طول الحدود السعودية اليمنية، خاصة في الشمال الغربي، لكنها كافحت لتأمين ضمانات أمنية كافية بالنظر إلى نفوذ إيران على الجماعة واستخدام الحوثيين للنشاط عبر الحدود لأغراض متعددة، بدءً من الرسائل السياسية والضغط لإلحاق الضرر وصولاً لكشف حدود أنظمة الدفاع المتاحة.
وتأمل المملكة العربية السعودية، على وجه الخصوص، في الاستفادة من الانتفاضة الداخلية في إيران، وكذلك المحادثات الإيرانية- السعودية، والسعودية- اللبنانية السابقة، في حوارها مع الحوثيين، حيث أن الزيارات السعودية والإيرانية الرفيعة المستوى الأخيرة إلى عمان تؤكد ذلك وتشير إلى أن المناقشات قد وصلت إلى مرحلة أخرى.
أخبار ذات صلة
الأحد, 12 فبراير, 2023
ثلاثة عوامل تستغلها طهران.. كيف تخلق العلاقة المتطورة بين إيران والحوثيين مشاكل أمام إنهاء الحرب في اليمن؟
الخميس, 02 فبراير, 2023
"مقامرة محفوفة بالمخاطر".. ماهي الاستراتيجية العسكرية السعودية في اليمن وهل يستفيد منها الحوثيون؟
الخميس, 26 يناير, 2023
"مفاوضات سرية لتسوية مرتقبة".. اليمنيون يخشون شرعنة سلطة الحوثيين بعد سنوات في الجحيم