كشف مركز أبحاث أمريكي، عن زيادة العنف القبلي في المناطق التي تسيطر عليها ميلشيات الحوثي المدعومة من إيران خلال أشهر الهدنة الأممية في اليمن التي استمرت ستة أشهر، وانتهت في 2 أكتوبر/ تشرين أول الجاري، مما يشير إلى استخدام موارد الدولة للحملات الأمنية، بالتزامن مع توقف الحرب.
ووفق تحليل مطول لمركز الأبحاث الأمريكي «ACLED» (مشروع تحليل بيانات الصراع والحدث) "إن الاقتتال الداخلي والقمع شكلت مصدرًا رئيسيًا لعدم الاستقرار خلال الهدنة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، لافتا إلى "انخفاض العنف بين الدولة والميليشيات القبلية بشكل حاد في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية".
وأشار التحليل – ترجمة "يمن شباب نت" – "إلى زيادة نسبة العنف القبلي خلال فترة الهدنة باليمن بنسبة 59٪ مقارنة بالأشهر الستة السابقة"، حيث أرجع هذه الزيادة الحادة في العنف القبلي بشكل أساسي إلى "الاشتباكات بين القبائل التي اندلعت بسبب النزاعات على الأراضي والثأر".
وتابع: "برغم أن هذه الصراعات المحلية منفصلة على ما يبدو عن الديناميكيات السياسية الوطنية، إلا أنها اجتاحت جميع أنحاء البلاد، وقطعت المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون والقوات المناهضة للحوثيين، مع تصدر أحداثها في شبوة ومأرب وإب وعمران والبيضاء".
الحوثيون يهاجمون القبائل
في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، سجل مركز «ACLED» أعلى مستوى من العنف القبلي خلال الهدنة في شمال غرب البيضاء، وشهدت المحافظة تصاعدًا في المواجهات بين قوات الحوثي والقبائل المحلية في يوليو 2022، بعد أن اتهمت قوات الأمن التابعة للحوثيين رجلاً من قرية خبزة بمديرية القريشية - وهي منطقة معروفة بمعارضتها لوجود الحوثيين - بقتل أحد الموالين للحوثيين.
على الرغم من إنكار السكان القبليين لهذه المزاعم، حاصرت قوات الحوثي قرى "خبزة" واشتبكت مع ميليشيا قبلية محلية أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 18 قتيلاً من المدنيين، وحرض القتال شيوخا محليين بارزين - بمن فيهم المنتسبون للحوثيين منذ فترة طويلة، مثل أحمد الذهب - ضد الحوثيين، تمهيدًا لتعيين عبد الله إدريس محافظًا جديدًا للبيضاء، وإدريس من الموالين للحوثيين من مدينة رداع، وقد تساهم سمعته كوسيط معروف في تهدئة التوترات القبلية المتصاعدة.
كما عادت المناوشات بين القوات الموالية للحوثيين والقبائل المحلية للظهور في محافظة الجوف، حيث سبقت التوترات الهدنة الحالية، وقد اندلعت الأعمال العدائية بين الحوثيين وقبائل ذو حسين وبني نوف المحلية لأول مرة على خلفية التطورات العسكرية والسياسية المتنازع عليها في عام 2020، وبلغت ذروتها لاحقًا بتعبئة قبلية كاملة في يوليو/ تموز 2021 عندما حاول الحوثيون فرض سيطرة صارمة على السوق السوداء من خلال مصادرة شاحنات النفط من رجال قبائل بني نوف، مما أدى إلى تصاعد دوامة العنف خلال الهدنة.
وسجلت محافظة عمران الشمالية مستويات غير مسبوقة من العنف القبلي في عام 2022، وبلغت الاشتباكات القبلية ذروتها في شهري يوليو وأغسطس، حيث امتدت عبر عدة مناطق، بما في ذلك السودة وريدة وحوث، في حين زادت الوفيات المبلغ عنها بنسبة 650٪ مقارنة بالفترة نفسها من قبل الهدنة.
ودارت معظم الاشتباكات حول نزاعات الأراضي "التقليدية" لترسيم حدود الأراضي والوصول إلى الموارد المائية، والتي تفاقمت في بعض الأحيان بسبب انتماء مجموعات قبلية معينة إلى الحوثيين، وفي مديرية عيال سريح، اندلعت عدة اشتباكات ضد القوات الموالية للحوثيين ورجال القبائل المحليين في يوليو/ تموز، واستمرار الصراع الذي بدأ في ديسمبر/ كانون الأول 2021 على الاستيلاء على الأراضي.
امتدت ديناميكيات مماثلة أيضًا إلى محافظة إب، حيث تسبب الصراع بين القبائل حول النزاعات على الأراضي والقتل الانتقامي في معظم الوفيات في المنطقة، والجدير بالذكر أن الاقتتال الداخلي بين الجماعات التابعة للحوثيين استمر في تأجيج التوترات المحلية، حيث اندلعت اشتباكات مميتة في مديرية السياني بين رجال قبائل الغانمي والأمن الوقائي للحوثيين.
الاقتتال بشبوة
ومع ذلك، أشار المركز الأمريكي إلى اندلاع العنف القبلي أيضًا في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، حيث شهدت شبوة زيادة مضاعفة في الاشتباكات بين القبائل في يونيو ويوليو 2022، امتدت من شمال المحافظة إلى جنوبها.
ووفق التقرير: "طفا العنف على السطح بسبب عمليات القتل الانتقامية بين القبائل والخلافات على الأراضي، لكنه توقف فجأة مع اندلاع الاقتتال الداخلي بين القوات التابعة للإصلاح والقوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في أغسطس/ آب".
وفي مأرب، ازدادت الاشتباكات القبلية بشكل كبير اعتبارًا من مايو 2022، كان الثأر القبلي والنزاعات على الأراضي من بين دوافع العنف التي اندلعت في شرق وشمال شرق مدينة مأرب، كما اندلعت اشتباكات أخرى في يونيو 2022 بين قوات الحكومة ورجال القبائل المحليين على طول الطريق الرئيسي الذي يربط مأرب بحضرموت، حيث حاولت القبائل الضغط على السلطات لتقاسم عائدات النفط التي يتم الحصول عليها من حقول النفط الواقعة في شمال وشمال شرق عاصمة المحافظة.
وخلال الهدنة، اندلع العنف القبلي، ولا سيما الاشتباكات القبلية على الأرض والثأر، في شمال وجنوب اليمن، وامتد عبر المحافظات التي تتميز ببيئات سياسية مختلفة، وموارد طبيعية، وتقاليد ثقافية.
وخلص التقرير إلى القول "بأن العامل الأساسي المشترك الذي أشعل فتيل النزاعات المحلية كان وقف الأعمال العدائية على المستوى الوطني، حيث سمحت الهدنة بعودة رجال القبائل إلى أماكنهم الأصلية، مما أدى إلى إشعال الخلافات التي لم يتم حلها".
في الوقت نفسه، تحررت موارد الدولة لتوجيهها داخليًا نحو الحملات الأمنية، ومن المحتمل أن يؤدي استئناف الصراع في جميع أنحاء البلاد إلى الحد من أحداث العنف القبلي، حيث أن الخطوط الأمامية سوف تستنزف الموارد من النزاعات المحلية، وفقا للتحليل مركز الأبحاث الأمريكي.
أخبار ذات صلة
الثلاثاء, 18 أكتوبر, 2022
تشكل تحدياً لتحقيق سلام مستدام.. ماهي أبرز دوافع استمرار العنف السياسي خلال هدنة اليمن؟
الأحد, 16 أكتوبر, 2022
قُتل 450 شخصاً خلال 6 أشهر.. مركز امريكي: الهدنة لم تعالج دوافع العنف في اليمن وغابت تدابير بناء الثقة
الاربعاء, 05 أكتوبر, 2022
6 أشهر من الهدنة في اليمن.. ماذا حققت وكيف فشلت في إنهاء حصار الحوثيين لمدينة تعز؟