انقضت مساء الأحد 2 أكتوبر الجاري، الهدنة الإنسانية في اليمن بعد ستة أشهر على بدء سريانها، مع تعثر الجهود الأممية بشأن تمديدها وسط ترقب وتحذيرات من عودة القتال، في ظل مواصلة ميلشيات الحوثي التهديدات للشركات النفطية في السعودية والإمارات.
واعترف المبعوث الأمميّ إلى اليمن هانس غروندبرغ، بأنه فشل في التوصل لاتفاق لتمديد الهدنة لمدة ستة أشهر، ضمن مقترح يتضمن صرف رواتب موظفي الخدمة المدنية، وفتح طرق محددة في تعز ومحافظات أخرى، وتسيير وجهات إضافية للرحلات التجارية من والى مطار صنعاء، ودخول سفن الوقود إلى ميناء الحُديدة دون عوائق.
وحققت أطول هدنة في اليمن منذ بداية الحرب والتي أعلنت في 2 إبريل الماضي خلال ستة أشهر نجاحات في أبرز اثنين من بنودها "فتح ميناء الحديدة وتسيير رحلات تجارية من وإلى مطار صنعاء"، فيما تعثّر تطبيق البندين المتعلقين بإيقاف التصعيد العسكري في الجبهات الداخلية، وفتح طرق تعز ومحافظات أخرى.
نجاحات الهدنة ليست للجميع
وفي جردة حساب للهدنة الأممية في اليمن، تسير جميع المكاسب لصالح ميلشيات الحوثي حيث تم تنفيذ البنود الإنسانية في مناطق سيطرتها، وكسبت من خلالها تضاعف الإيرادات، وفي الوقت التي رفضت إنهاء الحصار الذي تفرضه على تعز، ذهبت للقفز والمطالبة بصرف رواتب الموظفين بمناطق سيطرتها.
خلال فترة الهدنة تم تشغيل 51 رحلة جوية ذهابًا وإيابا بين صنعاء والأردن، ورحلة واحدة ذهابًا وإيابًا بين صنعاء والقاهرة، أقلّت ما يزيد على 13 ألف مسافر. وكان مطار صنعاء الدولي يستقبل فقط طائرات المساعدات منذ 2016.
كما سمحت الحكومة خلال ستة أشهر بدخول 54 سفينة وقود الى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين خلال فترة الهدنة. وقالت الحكومة في بيان لها، إن عائدات سفن الوقود بلغت 203 مليار ريال يمني كانت مخصصة لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في مناطق سيطرة الحوثيين.
بالإضافة إلى ذلك ربما شهد توقفت بشكل كامل هجمات الحوثيين بالطائرات المُسيرة على السعودية والإمارات خلال أشهر الهدنة الستة، والتي كانت تصاعدت مطلع العام الجاري، في المقابل لم يتم تنفيذ أي غارات جوية من قبل مقاتلات التحالف الذي تقوده السعودية.
وتزامنت الهدنة مع أزمة الطاقة في العالم جراء العقوبات الأمريكية والأوروبية التي فرضت على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، مما جعل تأمين منشآت النفط السعودية من هجمات الحوثيين أولوية للمجتمع الدولي، واستغلها الحوثيين لتحقيق مكاسب أكبر.
خروقات وهجمات حوثية
ورغم نجاح الهدنة في خفض مستويات العنف، إلا أن طيلة الأشهر الستة من عمر الهدنة، تبادلت الحكومة اليمنية والحوثيين اتهامات بخرق وقف النار.
وقالت مصادر عسكرية في وزارة الدفاع لـ"يمن شباب نت" إن مليشيات الحوثي الانقلابية استمرت في خروقاتها للهدنة بشكل يومي من خلال استحداث مواقع وخنادق على خطوط المواجهات واستهداف مواقع الجيش بالمدفعية والطائرات المسيرة في مختلف مناطق البلاد.
وأفادت المصادر: "أن خروقات الحوثيين منذ بدء سريان الهدنة أسفرت عن مقتل وإصابة 1423 عسكريا و96 مدنيا"، وأشارت "أن الحوثيين استهدفوا الأحياء السكنية في تعز، وشنوا هجمات عنيفة في أغسطس الماضي على خط الضباب الذي يمثل الشريان الوحيد لمدينة تعز".
من جانبه كشف المحور العسكري في تعز أنه "رصد خلال أشهر الهدنة الستة الماضية 5015 خرقا للهدنة ارتكبتها ميلشيات الحوثي تنوعت بين الأعمال الهجومية واستخدام الطيران المسير وأسلحة المدفعية والقناصة وزرع الألغام".
وقال في بيان "أسفرت الخروقات جميعها عن استشهاد 34 جنديا وجرح 155 آخرين كما سقط 11 شهيدا مدنيا وجرح 56 آخرون، ووثقت قواتنا 2489 عملية استهداف بأسلحة خفيفة ومتوسطة، و598 عملية قنص و523 قصف مدفعي و448 استخدام للطيران المسير الاستطلاعي والهجومي، و86 أعمال هجومية 177 عملية زراعة ألغام وعبوات ناسفة".
تعثّر إنهاء حصار تعز
خلال الهدنة عقد مكتب المبعوث الأممي في العاصمة الأردنية عمّان، جولات من المشاورات بين الحكومة والحوثيين، بشأن فتح الطرق، خصوصًا طرق محافظة تعز، إلا أن تلك المساعي وصلت إلى طريق مسدود.
وقدّم المبعوث الأمميّ مقترحين لفتح الطرق في تعز ومحافظات أخرى، قوبل بالموافقة لدى الحكومة والرفض من قبل الحوثيين، التي ظلت ترفض التعامل مع هذا الملف الإنساني خلال الستة الأشهر الماضية من الهدنة.
وتضمن المقترح الأممي المُحدّث بشأن طرق تعز؛ فتح طريق رئيسي من منطقة الستين مرورًا بمنطقة الحوجلة إلى عصيفرة (شمالًا)، وطريق الأربعين بالإضافة إلى طريق فرعية عبر منطقة الصرمين صالة وطرق أبعر (شرقا) كمرحلة أولى يليها فتح طريق رئيس رابط بين الحوبان ومركز المدينة "سوفتيل ـ الصفاء ـ الروضة".
ورفض الحوثيين هذا المقترح واشترطوا فتح "طريق الشريجة ـ كرش - الراهدة الواصل بين محافظات تعز ولحج وصنعاء؛ بالإضافة إلى طريق مفرق الصرمين ـ ابعر شرقي تعز وهذا الطريق فرعي غير مؤهل لسير المركبات، إلى جانب طريق فرعي من الستين إلى معسكر الدفاع الجوي (شمال غرب تعز) وهذا الطريق استحدثه الحوثيون خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
كما شمل مقترح المبعوث الأممي بتوسعة نطاق فتح طرق أخرى رئيسية بين محافظات يمنية بينها طريق نهم – صنعاء، وطريق صرواح (مأرب) – صنعاء، وطريق الراهدة – كرش (لحج)، وطريق دمت – مريس (الضالع).
وأعلنت الحكومة خلال فترة الهدنة، فتح طريق رئيسي من جانب واحد، يربط محافظتي تعز والحديدة، وطريق آخر يربط محافظة الضالع (جنوب) بالمحافظات الشمالية.
كما أعلنت مليشيات الحوثي من جانب واحد فتح طريق فرعي مُستحدث "الستين ـ الدفاع الجوي" في تعز وطريق عقبة الحلحل الرابطة بين مديريتي لودر في أبين (جنوب) ومكيراس بالبيضاء (وسط) لكن المليشيات أعادت إغلاق الطريق الأخير أواخر أغسطس الماضي.
ورغم كل التنازلات التي قدمتها الحكومة اليمنية لميلشيات الحوثي في تنفيذ كافة البنود التي تخص مناطق سيطرتها (مطار صنعاء، ميناء الحديدة)، إلا أنها فشلت في الضغط على الميلشيات لإنهاء الحصار عن مدينة تعز، رغم أن الملف انساني.
ألغام تقتل المدنيين
وأثناء سريان الهدنة، واصلت الألغام حصد الأرواح في عدة محافظات. وقال المرصد اليمني للألغام (غير حكومي) في بيان، السبت الماضي، إنه وثّق خلال فترة الهدنة مقتل 81 مدنيا منهم 43 طفلا وخمس نساء، وإصابة 192 آخرين بينهم 82 طفلا و13 امرأة، نتيجة حوادث الألغام والذخائر المتفجرة والعبوات والمقذوفات من مخلفات الحرب.
وأشار إلى أن محافظة الحديدة تصدرت قائمة الضحايا بـ 93 ضحية مدنية (قتلى وجرحى)، فيما توزّع باقي الضحايا في محافظات تعز والبيضاء، ومأرب، شبوة، والجوف وصعدة، حجة، لحج ومديرية نهم صنعاء.
وأضاف أن الخسائر المادية التي تسببت بها حوادث انفجارات الألغام والذخائر، تمثلت في تدمير 12 مركبة مدنية، و4 حراثات زراعية، و16 دراجة نارية ونفوق نحو 60 رأسا من الماشية (أغنام وإبل).
ودعا المرصد المعني بتوثيق ضحايا الألغام ومخلفات الحرب في اليمن، الأمم المتحدة والدول الأطراف بمعاهدة (أوتوا) لحظر الألغام، والحكومات الداعمة لحقوق الإنسان والمنظمات الدولية، الضغط على الحوثيين لتسليم خرائط الألغام، ودعم كافة الجهود التي تعمل على تطهير المناطق المدنية الملوثة بالألغام والذخائر المتفجرة والعبوات والمقذوفات.
كما طالب المرصد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، بإدراج ملف الألغام ضمن أولويات القضايا الإنسانية التي يجب مناقشتها مع الأطراف المعنية بهدف وضع مقترحات حلول عاجلة، لتفادي سقوط المزيد من الضحايا المدنيين. وتصف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اليمن بأنها أكثر البلدان تلوثاً في العالم بسبب الذخائر غير المنفجرة التي خلفتها الحرب. وتتهم الحكومة الشرعية الحوثيين بزراعة أكثر من مليوني لغم، في مختلف مناطق البلاد.
ومع انتهاء الهدنة وفشل المساعي الأممية في تمديدها برزت مؤشرات على عودة القتال بين الحكومة والحوثيين في مختلف محافظات البلاد. وشهدت الساعات الماضية مواجهات وُصفت بالعنيفة إثر هجمات نفذها الحوثيون في جبهات الضالع ومأرب وتعز.
أخبار ذات صلة
الثلاثاء, 04 أكتوبر, 2022
الخلاف حول آلية دفع رواتب الموظفين.. المبعوث الأممي يكشف تفاصيل جهود تمديد الهدنة باليمن
الثلاثاء, 04 أكتوبر, 2022
الغارديان: فشل تمديد الهدنة يعيد اليمن إلى الحرب بعد "تطورات محدودة" في الظروف الإنسانية
الثلاثاء, 04 أكتوبر, 2022
يعتقدون أنهم الطرف الأقوى بالحرب.. محللون: مطالب الحوثيين لتمديد الهدنة في اليمن "غير واقعية"