بين صعود وهبوط، تتأرجح أسعار العملة الوطنية، وسط مخاوف المواطنين، وتعامل حذر من قبل شركات الصرافة التي امتنعت عن بيع النقد الأجنبي، مقابل شراءها لمدخرات المواطنين من العملات الأجنبية بأسعار متفاوتة في التعاملات المالية الصباحية والمسائية خلال اليوم الواحد.
وشهد الريال اليمني، تحسنًا طفيفًا، مقابل العملات الأجنبية نهاية الأسبوع المنصرم، عقب إعلان الرئيس عبد ربه منصور هادي تشكيل مجلس رئاسي بقيادة رشاد العليمي، وعضوية سبعة آخرين، فجر الخميس الماضي، وإعلان السعودية والإمارات تقديم 3 مليار دولار دعمًا للاقتصاد اليمني.
بيد أن هذا التحسن لم يدم طويلا، فقد تراجعت أسعار العملة في التعاملات المسائية ليوم الخميس (يوم إعلان الدعم السعودي)، بعد التحسن الذي شهدته في التعاملات الصباحية في اليوم ذاته، الأمر الذي دعا خبراء اقتصاديون إلى التحذير من عملية نهب تقوم بها شركات الصرافة، لنهب مدخرات المواطنين، واستغلالهم حاجة الناس لشراء مصاريف شهر رمضان.
يأتي هذا في ظل الانقسام المستمر للسوق المصرفي في اليمن، بين البنك المركزي بصنعاء غير المعترف به دوليا، والبنك المركزي في عدن المعترف به، حيث يوجد عملتين لكل بنك، وسعر مختلف لكل عملة، الأمر الذي أدى إلى تهاوي سعر العملة الوطنية، وسط عجز أممي تام لإيجاد الحلول اللازمة لهذا الملف المتعلق بحياة الناس، وارتباطه بمصالحهم اليومية.
ووسط هذا التأرجح لأسعار العملة الوطنية، وعدم استقرارها، يبقى السؤال المطروح: هل فشل البنك المركزي اليمني في ضبط السوق المصرفي؟ وهل الدعم السعودي الإماراتي المعلن عنه مؤخرًا كافٍ لمنع تهاوي العملة الوطنية مجددًا، أم لا يعدو كونه حلول ترقيعية فحسب؟
اضطراب السوق المصرفي
تعامل مشوب بالحذر من قبل شركات الصرافة التي تمتنع عن بيع النقد الأجنبي، مقابل شراءها العملات الأجنبية من المواطنين، سواء في صنعاء أو في عدن، الأمر الذي يعكس حالة الاضطراب الذي يعيشه السوق المصرفي، وفقا للصحفي المختص في الشأن الاقتصادي وفيق صالح.
يؤكد الصحفي الاقتصادي وفيق صالح في حديث لـ"يمن شباب نت"، أن "أسعار الصرف ما تزال تتأرجح بين الصعود والهبوط، عقب التحسن الذي طرأ على قيمة العملة الوطنية نهاية الأسبوع الماضي، كما أن التعاملات المصرفية يشوبها الحذر في ظل امتناع شركات صرافة عن بيع النقد الأجنبي".
وأوضح أن "عملية الاضطراب هذه تعكس مخاوف لدى أسواق الصرف، من عدم استقرار قيمة العملة الوطنية خلال الفترة المقبلة"، معتبرًا ذلك الاجراء بأنه طبيعي "في ظل عدم تحرك البنك المركزي، لاتخاذ إجراءات نحو استقرار سعر العملة، والسيطرة على النشاط المصرفي".
وأكد أن المسؤولية ملقاة على عاتق البنك المركزي، للقيام بالإجراءات اللازمة لتثبيت سعر الصرف. وقال: "الكرة الآن في ملعب إدارة البنك المركزي، للشروع في خطوات عملية لتطمين القطاع المصرفي، وضمان استقرار أسعار الصرف".
وأشار الصحفي وفيق صالح، إلى أن "ثبات سعر العملة عند مستوى جيد أمام العملات الأجنبية، يتطلب خطوات عملية من إدارة البنك المركزي، للبناء على التحسن الذي شهدته العملة، والقيام بوظائفه الأساسية في كبح عملية المضاربة عبر توفير النقد الأجنبي اللازم لاستيراد المواد والسلع الأساسية".
منع التقارب في قيمة العملة
وعن سعر الصرف في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أوضح الصحفي الاقتصادي وفيق صالح، أن "سوق الصرف في صنعاء عشوائي، ولا يخضع لقوانين وآلية العرض والطلب".
وأشار إلى أنه "على الرغم من ثبات سعر الدولار في صنعاء؛ إلا أنه بعد تحسن سعر الصرف في مناطق الحكومة، بدأت العملات الأجنبية هناك تتجه إلى التراجع أمام الريال القديم"، مؤكدا أنه "يتم التحكم به من قبل السلطات النقدية التابعة للحوثيين، حتى لا تصل أسعار الصرف إلى مستويات متقاربة بين عدن وصنعاء".
ونوه إلى عودة الأسعار للارتفاع مجددًا في مناطق الحكومة، بعد أن هوت بشكل لافت خلال وقت سابق، لتعود أيضا الأسعار للارتفاع في صنعاء، رغم أن انخفاضها لم يمكن مدعومًا بأي إجراءات أو إصلاحات نقدية". مؤكدا أن هذه سياسة حوثية "لمنع تقارب أسعار الصرف بين صنعاء وعدن".
واختتم وفيق صالح حديثه بالتأكيد على وجود "تلاعب بسوق الصرف، لنهب أموال المواطنين من العملة الصعبة بسعر بخس، وكذا لتفويت الفرصة على حدوث أي تقارب بين قيمة الريال القديم والجديد، تكريسًا لسياسة الانقسام النقدي"، حسب قوله.
دعم غير كافي
رغم تحسن العملة بشكل نسبي، بعد إعلان السعودية والإمارات تقديم 3 مليارات دولار، إلا أن هذا الدعم المعلن، ليس كافيًا، "ولم يكن بحجم التوقعات، ولا ينسجم مع التغييرات السياسية التي حدثت"، وفقا للخبير الاقتصادي اليمني، مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.
وحسب مراقبين، فإن مشكلة اليمن أعمق من أن تُحَلّ بوديعة مالية، رغم أهميتها بالنظر إلى نفاد الاحتياطي النقدي من البنك المركزي الذي نُقل إلى عدن في سبتمبر/ أيلول من عام 2016، وفقا لصحيفة العربي الجديد.
وأكدت الصحيفة، أن ما وصفته بـ"الثقب الأسود" للانقسام سيزداد اتساعًا، والاقتصاد المجزأ بين أطراف الحرب التي تبلع كل الموارد المتاحة في البلاد سيتواصل، فيما لا تزال الهوة متسعة بين طرفي الحرب اللذين يتقاسمان المؤسسات المالية والإيرادات العامة مع تصدر الملف الاقتصادي واجهة الصراع في اليمن بشكل رئيسي منذ نحو ثلاث سنوات.
وترى الصحيفة، أن إحلال السلام في اليمن، يجب أن يرتكز على الجانب الاقتصادي كمدخل أساس لأي حلول سياسية أخرى؛ كون ما خلفته الحرب، أكثر من أن تُحلّ بمجرد وديعة مالية يتم إيداعها البنك المركزي بعدن، في ظل استمرار الحرب، والانقسام المالي.
إصلاح القطاع المصرفي
يشار إلى أن الخبير الاقتصادي اليمني، وحيد الفودعي، كان قد استعرض في مقال خاص نشره "يمن شباب نت"، أبرز التحديات وأهم الحلول إزاء عجز البنك المركزي اليمني من السيطرة على القطاع المصرفي.
وأكد الفودعي، أن اصلاح القطاع المصرفي، يتطلب "وضع الحلول والمعالجات المناسبة للانقسام النقدي وتحييد/ أو تحجيم دور البنك المركزي في صنعاء، في مقابل تعزيز قدرات البنك المركزي في عدن واستعادة سيطرته على القطاع المصرفي".
وأضاف الفودعي، كما يتطلب اصلاح القطاع المصرفي، "إعداد استراتيجية شاملة لإصلاح الجهاز المصرفي برمته، على أن تراعي الإصلاح القانوني لكافة التشريعات والتعليمات القانونية، وتعزيز استقلالية البنك المركزي وإعادة هيكلته...".
ونوه وحيد الفودعي إلى ضرورة "الإصلاح القانوني للتشريعات واللوائح والتعليمات المنظمة للمؤسسات المالية، واستحداث وتطوير الأنظمة المصرفية، وتطوير وسائل الدفع، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي"، حسب قوله.
واستعرض الوسائل اللازمة لهيكلة القطاع المصرفي منها "الاندماج المصرفي للبنوك الضعيفة، وتشجيع التفرع المصرفي في الأرياف، وتنظيم وضبط مهنة الصرافة وعدم السماح لها بممارسة أعمال البنوك مثل الإيداع والاقراض، ونشر التوعية والتثقيف المصرفي للمجتمع، والعمل لما من شأنه إعادة الثقة بالقطاع المصرفي".
أخبار ذات صلة
السبت, 09 أبريل, 2022
أبرز التحديات وأهم الحلول.. لماذا يعجز البنك المركزي اليمني من السيطرة على القطاع المصرفي؟
الجمعة, 08 أبريل, 2022
تحسن طفيف لسعر الريال اليمني وتحذيرات للمواطنين من "مضاربة" الصرافين بالعملات
الخميس, 07 أبريل, 2022
السعودية تعلن تقديم دعم لليمن بـ 3 مليار دولار وتدعو المجلس الرئاسي للتفاوض مع الحوثيين