"ربما حان دور اليمن ليكون واحدا من ساحات القتال الرئيسية في الصراع الإيراني ـ الأمريكي خصوصاً في ظل التوتر الذي أعقب مقتل قاسم سليماني بغارة جوية أمريكية، وهو ما أثار رداً إيرانيا مباشراً عبر استهداف طهران لقواعد أمريكية في العراق بالصواريخ, الليلة الماضية". (هكذا علق موقع ذا هيل الأمريكي على التطورات الأخيرة بالمنطقة).
وقال الموقع -في مقال أعده "ديفيد هاردن، وعبدالرحمن الإرياني" ترجمه "يمن شباب نت"- محذراً: لطالما هددت حرب اليمن المستمرة منذ خمس سنوات بإغراق الشرق الأوسط الكبير من خلال تعميق خط الصدع بين إيران وعملائها، من ناحية، والولايات المتحدة وحلفائها، من ناحية أخرى؛ فإن إضفاء الطابع الإقليمي على هذا الصراع قد يغرق الملايين من أضعف شرائح اليمن في حالة من اليأس الإنساني، ويعطل إنتاج النفط العالمي، ويهدد الملاحة التجارية عبر الخليج الفارسي والبحر الأحمر، كما سيوفر مساحة أكبر لداعش والقاعدة، ويقوض استقرار المملكة العربية السعودية .
ولفت إلى أن قوة فيلق القدس الإيرانية، التي كان يقودها في السابق الجنرال سليماني، ساعدت ميليشيا الحوثيين في تطوير قدرات عسكرية واسعة النطاق استُخدمت ضد أهداف سعودية إستراتيجية. وقد أكدت الأمم المتحدة صحة الأدلة على هذا الدعم واتهمت طهران على وجه التحديد بتوفير صواريخ وطائرات بدون طيار بعيدة المدى للمتمردين الحوثيين.
وأشار إلى أنه وبفضل هذه المساعدة، نقل الحوثيون حربهم إلى المملكة العربية السعودية وشركائها، في بعض الأحيان ردًا على الضربات السعودية غير المتكافئة والخسائر المدنية. على سبيل المثال، وصلت الصواريخ الباليستية الحوثية إلى أقصى حد، حيث الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية.
كما استهدفت الميليشيات الحوثية مختلف البنية التحتية العسكرية والمدنية في المملكة العربية السعودية، بما في ذلك ناقلات النفط على البحر الأحمر، والمنشآت النفطية في الرياض والقواعد العسكرية في خميس مشيط. كما صعد المتمردون الحوثيون من هجماتهم على البنية التحتية السعودية الحيوية باستهداف مطاري أبها وجازان.
عام جديد وحرب جديدة
في الأسبوع الماضي، تعهدت القيادة الحوثية "بالوقوف إلى جانب الشعب الإيراني" كجزء من "محور المقاومة" بقيادة إيران. كما دعت إلى مظاهرات حاشدة في المدن اليمنية الرئيسية الخاضعة لسيطرتهم.
وأوضح أن الحوثيين وفي مقابل استمرار الأسلحة والنفط والدعم الإيراني، قد يقفون إلى جانب إيران في مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، وفي مثل هذا السيناريو، من المرجح أن يستهدف الحوثيون وداعميهم الإيرانيون ثلاثة مصالح أساسية للولايات المتحدة وحلفائها:
أولاً- يمكن أن يهدد الحوثيون مجرى البحر الأحمر الاستراتيجي. حيث يقع الساحل الغربي لليمن على طريق تجاري بحري ذو أهمية إستراتيجية للسفن التجارية وناقلات النفط - وهو خط الشحن البحري في البحر الأحمر إلى قناة السويس ومصر وإسرائيل والأردن. وتشتمل ترسانة الحوثيين البحرية على صواريخ كروز مضادة للسفن وأجهزة متفجرة ذاتية محمولة بالمياه وأنظمة أسلحة متطورة أخرى يقدمها الإيرانيون.
لن يتورع الحوثيون عن استهداف هذا الممر المائي في حالة حدوث تصعيد شديد. في الواقع، لقد فعلوا ذلك بالفعل. ففي يناير 2016، هددوا بإغلاق نقطة الاختناق البحرية هذه خلال مواجهة عسكرية مع السعوديين. ومنذ عام 2015 ، تم توثيق 40 هجوم بحري للحوثيين في مضيق باب المندب والبحر الأحمر. إن قدرات الحوثيين في البحر الأحمر، إلى جانب وصول إيران إلى مضيق هرمز في الخليج الفارسي، يمكن أن يسبب حالة عدم استقرار هائلة في إمدادات النفط العالمية.
ثانياً- يمكن للحوثيين أن يزيدوا من وتيرة هجمات الصواريخ البالستية والطائرات بدون طيار مع توسيع قائمة أهدافهم في الخليج. وفي العام الماضي، أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن هجوم صاروخي أدى إلى الإغلاق المؤقت لأكبر منشأة لمعالجة النفط في المملكة العربية السعودية في بقيق. وبمساعدة إيران، أعاد الحوثيون تصميم صواريخ سكود القديمة، وطائرات بدون طيار ونشروا صواريخ بعيدة المدى أخرى لديها القدرة على الوصول إلى أهداف إستراتيجية، بما في ذلك مصانع أرامكو النفطية والقواعد العسكرية الأمريكية.
ثالثًا- يمكن للحوثيين زيادة هجماتهم على المملكة العربية السعودية من خلال استغلال التضاريس المفتوحة لحدود المملكة العربية السعودية مع اليمن.ومن المرجح أن تستفيد إيران من هذه التكتيكات الحوثية، بالنظر إلى أن السعوديين واجهوا تحديات للحفاظ على السيطرة الكاملة على الجهة الجنوبية. في نهاية المطاف، وعلى الرغم من انخفاض التوترات على الحدود في الآونة الأخيرة، فإن إيران مهتمة بشدة بتحويل الموارد السعودية صوب محاربة اليمن على طول المنطقة الحدودية الوعرة.
وقال الموقع: لقد استغلت القوى الأجنبية اليمن طيلة قرون ماضية في المواجهة الإيرانية ـ الأمريكية، ستكون اليمن مرة أخرى ساحة لمعركة بالوكالة، ومن خلال الاستفادة من الحوثيين، يمكن لإيران أن تورط خصمها السعودية في مستنقع شبيه بفيتنام، حيث تنفق المملكة السعودية دماء غير متكافئة وأموال طائلة لتهدئة حدودها الجنوبية. لكن يمكن لإيران أن تهاجم مباشرة المصالح الأمريكية من اليمن، من خلال تهديد منشآت إنتاج النفط وطرق الشحن التجارية وحتى الأهداف العسكرية.
ويرى المقال أن أمام الإيرانيين فرصتين سياسيتين: أولاً.. يمكنهم إثارة ارتفاع أسعار النفط العالمية أثناء محاولة إعادة انتخاب ترامب، مما سيلحق الضرر البالغ بالرئيس من خلال تآكل قوة الاقتصاد الأمريكي.
ثانياً: إذا تمكن الإيرانيون من تهديد المملكة العربية السعودية بنجاح من الجنوب، فمن المحتمل أن يتمكنوا من جذب إدارة ترامب لدعم المملكة السعودية بشكل أكبر. وستؤدي الشراكة الدفاعية الأمريكية - السعودية العميقة إلى رد فعل عنيف من قبل الحزبين في الكونجرس وتقويض الوعد الطويل الأمد للرئيس ترامب بالحد من المشاركة الأمريكية في الشرق الأوسط.
ومن المفارقات أن مسرحية المرشد الإيراني الأعلى آية الله خامنئي الإستراتيجية تتمثل في إلحاق خسائر اقتصادية بالاقتصاد الأمريكي وإشراك الرئيس ترامب في حرب لا تحظى بشعبية في خضم انتخابات عام 2020.
واختتم كاتب المقال بالتأكيد على أنه في خضم هذه المواجهة والفوضى، تكمن المأساة الحقيقية في أن ملايين الشعب اليمني سيظلون محاصرين في أسوأ أزمة إنسانية معاصـرة.
أخبار ذات صلة
الاربعاء, 08 يناير, 2020
وول ستريت: حلفاء واشنطن بالمنطقة ينأون بأنفسهم عن المواجهة الأميركية الإيرانية
الثلاثاء, 07 يناير, 2020
حزب الله: قاسم سليماني مهندس علاقة إيران مع الحوثيين
الجمعة, 03 يناير, 2020
"مغامرة كبيرة".. ميليشيا الحوثي تهدد برد سريع على مقتل قاسم سليماني