بعد خمسة أشهر من تلك المصافحة بين طرفي النزاع في اليمن في استوكهولم، والتي حظيت بإشادة واسعة، يظل مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث متفائلاً بشأن حالة الجمود المستمرة في البلاد.
وفي إحاطة لمجلس الأمن في أبريل / نيسان، أشاد غريفيث بالجانبين لقبولهم المرحلة الأولى من الخطة المتفق عليها لإعادة نشر الحوثيين والقوات الحكومية من مدينة الحديدة الساحلية الرئيسية.
وقال تقرير «Middle East Eye» وترجمه "يمن شباب نت" إن جهود غريفيث تعرقلت على أرض الواقع، بسبب العراقيل الحوثية، اضافة للأولويات المتغيرة للرئيس عبد ربه منصور هادي.
وأضاف التقرير "بذل الدبلوماسيون السويديون جهودًا كبيرة لحشد دعم الحكومة اليمنية والتحالف الذي تقوده السعودية، لكن تلك الجهود لم ترق إلى مستوى التوقعات، حيث ظلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على الهامش".
بداية هشة
من غير الواضح ما إذا كانت السويد قد أشركت إيران كقناة بديلة للحوثيين. حيث تساءل وزير الخارجية اليمني، خالد اليماني، مؤخرًا عن لماذا لم تعلن إيران لغاية اللحظة عن أي دعم لخطة استوكهولم، في الوقت الذي عارضت فيه واشنطن والرياض أي دور رسمي لإيران في عملية السلام.
وقد تدرجت العناوين الرئيسية ما بين الابتهاج خلال لقاء استوكهولم البارز في شهر ديسمبر، إلى الحذر من بدايته الهشة، إلى الاعتراف أخيراً بإمكانية الانهيار التام للاتفاق.
وكان اتفاق ستوكهولم ركز على ثلاث قضايا رئيسية وهي الحديدة، وممر تعز الإنساني، وتبادل الأسرى.
فيما يتعلق بالقضية الأخيرة، توقفت الوساطة عبر الصليب الأحمر في أوائل فبراير وسط خلافات حول قوائم السجناء المقدمة من الأطراف المتحاربة، وكذلك بسبب مزاعم بأن أسماء معينة في قائمة الحكومة كانت مرتبطة بالقاعدة.
تعز هي الاخرى، لم تشهد احراز أي تقدم، حيث أعاقت الاشتباكات بين الفصائل الموالية للحكومة تنفيذ الاتفاق. كما اشتكى السكان المحليون في تعز من أن الحوثيين يضايقون وينهبون المنظمات المحلية والدولية. وقال لي أحد الأشخاص المحليين في تعز "إنهم [الحوثيون] يعتقلون السائق مع شاحنته ولا يسمحوا له بالتنقل ما لم يدفع لهم مئات الآلاف من الريالات اليمنية".
وقف إطلاق النار المتوقع في الحديدة، الذي مثل مطلبا في الفترة السابقة للمحادثات، لم يتحقق على أرض الواقع، حيث يشكو الحوثيون من انتهاكات قوات التحالف والقوات الموالية للحكومة.
في الوقت ذاته، وفي رسالة نُشرت في فبراير، اشتكت الحكومة اليمنية وشركاؤها في التحالف إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من انتهاكات الحوثيين المتكررة.
عزل الحوثيين
تريد الحكومة اليمنية وشركاؤها في التحالف عزل الحوثيين وإنهاء وصولهم إلى البحر الأحمر لكبح طرق التهريب. حيث استخدم الحوثيون رأس عيسى، وهو ميناء شمال الحديدة، لتفريغ الوقود الى أسواقهم، مما يمثل مصدرا رئيسيا لإيراداتهم، ووسيلة للحفاظ على شبكات المحسوبية وتمويل مجهودهم الحربي.
وفي الوقت نفسه، تهدف الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى إلى تثبيت تدفق السفن إلى الميناء لتحسين توصيل المساعدات والسلع التجارية.
وبعد حوالي عام من بدء العمليات العسكرية في الحديدة، يلمح محللون يمنيون إلى نصر حوثي مؤقت. فلا تزال مدينة الحديدة تحت سيطرتهم، لكن الميناء لم يعد ضمن مسؤوليتهم. وقد احتج الموظفون في الميناء على عدم دفع رواتبهم، وتلك مسؤولية باتت تقع حاليا على عاتق الحكومة. حيث يتواصل انقطاع الرواتب.
وقد تحولت الاحتجاجات الآن ضد الحكومة، مما أعطى الحوثيين المزيد من المبررات لتغذية المشاعر المناهضة للحكومة بين اوساط السكان المحليين في الحديدة.
وجهة نظر تلك تزيد من الانتقادات التي وجهها التحالف ومراقبون موالون للحكومة لمبعوث الأمم المتحدة، الذين يزعمون أن انحيازه للحوثيين في تعاطيه مع قضية الحديدة، مسألة يبدو أنها قد عوّضت عن "عدم الانضباط" الحوثيين، وتجاهلهم عامة السكان.
من ناحية أخرى، لعب الحوثيون أيضًا لعبة القاء اللوم، مما أدى إلى استقالة اللواء باتريك كاميرت بصفته رئيس بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة التي تشرف على وقف إطلاق النار في الحديدة. وتم استبداله بالدنماركي مايكل أنكر لوليسغارد.
ويعتقد محللون آخرون أن صالح علي الصماد، المسؤول الحوثي الذي شغل منصب رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن حتى مقتله في غارة جوية للتحالف في أبريل 2018، كان شريكًا أكثر موثوقية للأمم المتحدة حتى من زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي نفسه.
ويشكل مجلس الحوثيين السياسي الاعلى، الذي يرأسه حاليا مهدي المشاط، واللجنة الثورية العليا بقيادة محمد علي الحوثي، هيئات متناقضة تمكن عبد الملك الحوثي وقريبه عبد الكريم أمير الدين الحوثي، من التلاعب بالعلاقات الدبلوماسية وجبهات القتال من وراء الكواليس.
ويُعتبر عبد الكريم الرجل الذي يتولى اللجنة التنفيذية، التي تتولى إدارة العلاقات مع وكالات الإغاثة، ومركز الثقل للجناح العسكري في جماعة الحوثي. وقد تم تعيينه وزيراً للداخلية الأسبوع الماضي.
النقد العام
لا تزال ثلاث جهات فاعلة أخرى تشكل عقبات كبيرة بسبب تضارب أولوياتها. حيث جددت الإدارة الأمريكية العقوبات ضد إيران في نوفمبر الماضي، وأدرجت مؤخراً الحرس الثوري كمنظمة إرهابية أجنبية.
كما تقول مصادر واتصالات دبلوماسية من داخل إيران إن هذا العداء قد أغضب طهران، مما أزال أي احتمال في أن تلعب دورًا إيجابيًا تجاه الحوثيين.
ثانياً، يصر التحالف الذي تقوده السعودية بأن الحوثيين تعرضوا للضغوط لحضور اجتماع استوكهولم وذلك نظرا لخسائرهم على جبهات مختلفة. وتم التراجع عن هذا الادعاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي في أوائل أبريل مع استمرار المحادثات في المرحلة الأولى من خطة إعادة الانتشار، في محاولة لتعزيز موقف حكومة هادي وسط انتقادات الرأي العام للغارات الجوية واستمرار القتال على الأرض في الحديدة.
وأخيراً، عاد الرئيس هادي إلى التركيز على تعزيز موقفه السياسي. ففي منتصف أبريل، عقد اجتماعًا للبرلمان في حضرموت.
وحاليا تعتقد حكومته أن لديها دعما سياسيا كافيا من التحالف والإدارة الأمريكية، مما يفسح المجال لتعزيز شرعية هادي. كل ذلك لا يضيف ما يمكن وصفه بالأخبار الجيدة للغاية بالنسبة للشعب اليمني.
حيث لا يزال من غير الواضح كيف سيكون رد فعل هادي ازاء الخطوة التالية لغريفيث، حيث أوضح وزير الخارجية اليمني أن الحكومة لن تدعم إجراء مزيد من المحادثات حتى يتم تنفيذ خطة استوكهولم بالكامل.
وفي غضون ذلك، تستمر حالة الجمود على الارض في البلاد.
أخبار ذات صلة
السبت, 20 أبريل, 2019
لعبة "غريفيث" الخطرة.. ما الذي يفعله المبعوث الأممي في اليمن؟ (تقرير خاص)
الثلاثاء, 05 مارس, 2019
التحول البريطاني في اليمن.. بحثا عن السلام أم عودة إلى الحرب؟ (تقرير خاص)
السبت, 15 ديسمبر, 2018
معهد أمريكي يطرح ثلاث خطوات للبناء على «اتفاق استوكهولم» بين الأطراف اليمنية