كيل الشتائم والتجريم والشيطنة لفبراير لم يتوقف، ويجري بطريقة منظمة وممنهجة. كل المشوهين تجمعهم نقطة الفساد والعبث بثروة وسيادة اليمن، فضلا عن القلق المتصاعد من تحقيق الثورة أهدافها وإنجازها ليمن ناهض ومستقل.
أعداء كثر ومستميتون برزوا في وجهها مشحونين برغبة بقاء اليمن بلا دولة وعلى ذيول قوائم التصنيف العالمي قانونا واقتصادا وتعليما وصحة...الخ.
إما أن تبقوا كما أنتم، أو نزيدكم غرقا فيما أنتم فيه. ننهب ثرواتكم ونمرر مصالحنا أيّ كانت وبأي وسيلة نريد..! يسيرون جنبا إلى جنب مع المشوهين المحليين الضالعين في الفساد والإفساد، ممن حكموا اليمن حكرا وأخذوا كل جميل فيه غصبا.
بقدر ما مارسوه من فساد، ينهالون على الثورة بالتوصيف القبيح والمقذع ويمعنون في الإساءة إليها وتشويهها، وكلما تقدمت نحو تحقيق أهدافها وأسقطت الأقنعة عن وجوه المتربصين بها، برز في وجهها خصوم جدد وتكالب عليها طامعون وناقمون لم يكونوا في حسبانها.
في البداية؛ كانت الثورة تواجه ما تبقى من النظام بعد جمعة الكرامة؛ وكانت هناك أنظمة لدول تدعم بقاءه لكنها لم تجرؤ أن تدعمه علانية بل ظلت تتخفى وتوفر بطرق مختلفة متنفس لبقايا نظام صالح كلما ضاق عليه الخناق وأوشك أن يسلم لما تقتضيه المرحلة. حجم الثورة وفاعليتها الشعبية وصمودها واستعداد الثوار للتضحية أجبرت الداعمين المتخفين على تقبل حتمية التغيير وسلمت بإزاحة رأس النظام، إلا أنها استمرت في خيار إعاقة الثورة والتآمر عليها، تحديدا حين تفاجأت بالوتيرة السريعة التي تمضي بها الثورة نحو تحقيق أهدافها.
فالثورة لم تتوقف عند تسليم صالح السلطة لنائبه، بل أنها أخذت تعصف برأس هرم النظام كله، مزيحة شخوصه الفاسدين واحدا تلو آخر. ثم أخذت تزحف باتجاه مؤسسات الدولة المختلفة حين ثار الموظفون المحرمون من حقوقهم وتمكنوا من إسقاط أكثر من فاسد تمادى في نهب حقوقهم.
إذن نحن أمام تغيير ثوري يأخذ طابعا جذريا ويتجه باليمن نحو دولة بمستوى ثورة فبراير، وهذا يعني أننا نخطو نحو العصر، وهو ما أزعج الداعمين المتخفين الذين يريدون للتاريخ أن يتوقف عند هذه المحطة ليبقوا هم حكاما ومن بعدهم سلالاتهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ما الذي يزعجهم؟ هو حق الشعب في تجاوز معاناته وفقره ومرضه. لماذا لا يريدون لمصباح اليمن أن ينير؟ ولمَ يرون في توهجه انطفاء لمصابيحهم؟
يا هؤلاء؛ لم تأتي ثورة فبراير من فراغ بل كانت حتمية ومقتضى وطني مُلِحّ لليمنيين بعد أن عجز النظام عن تخليق حلول للأزمات التي أنتجها وكان يدير البلاد بها. ولأن هذه الأزمات تفاقمت إلى الحد الذي عصفت بمكتسبات اليمن الكبرى وعلى رأسها الجمهورية والوحدة وما ترتب على هكذا سياسة من فقر وبطالة وصفر تنمية. كل هذا قاد الشعب لخيار الثورة، إنقاذا لوطنه والمضي به ليكون لبنة في مدماك حضارة العالم الجديد كما هو شأن حضوره في كل العصور.
هكذا يتناسل الكارهون والمعادون لفبراير. فالحوثيون الذين خرجوا في صفوف الثورة ورفعوا حينها شعارات أوهمت الكثير في أشهر الثورة الأولى أنهم يبحثون عن وطن للجميع يكونون هم شركاء في بنائه، فجأة يتحولون ألد أعداء الثورة ويضعونها في رأس قائمة الخصوم...!! ما القصة؟ إنه تقدم الثورة نحو تحقيق المزيد من أهدافها، يكشف عن كل أعدائها، كانوا خارجها أم مندسين في صفوفها.
هؤلاء المهووسين قالوا لأنفسهم: الثورة تتقدم والجمهورية تترسخ بمزيد من شراكة الشعب وما تبقى من الاستحقاقات الأسرية والنفوذ والمحسوبيات على حساب الكفاءة والمواطنة، بعضه ينحسر والآخر يتلاشى؛ الجمهورية تتقدم بفعل فبراير وما تبقى لنا من أطلال الحق الإلهي المزعوم على كف عفريت. لا حل إذن إلا بالتكالب على فبراير ونهشها وتحطيمها بالعنف والدمار لتفويت فرصة استمرارية دفع الشعب ثورته وتجذيرها في الواقع والوعي المجتمعي..
وصل بهؤلاء جنون السلطة ونَفَسَ الجريمة، الجاري مجرى دمائهم، حد أنهم لم يعودوا ينظرون للآخرين سوى أعداء لحقهم الإلهي أو جنود لتثبيته.
اقراء أيضاً
بل كانت حربا على الحياة برمتها
"العودة".. حلم نازح
الجُهد الوطني المهدور