لا يمكن أن يخلو أي شعب في العالم من جهد وطني يمكن ان ينهض بتلك الأهداف والمهام التي ينادي بها ويناضل ويضحي من أجلها.
ولا شك أن الشعوب ذكية بالقدر الذي يجعل منها مدركة لأهدافها الأكثر إلحاحا؛ فمثلا ستجد الذهن والوجدان عند شعب مصادر وتنتهكه دولة عصبوية أو فئوية مركزا على هدف بناء دولة عادلة لكل الشعب، بما تقتضيه هذه الدولة من جيش وطني ومواطنة متساوية ومختلف أساسيات بناء ما تقتضيه هذا النوع من الدول.
بينما تجد الأهداف مختلفة عند شعوب حسمت هذا المطلب وفرض واقعها استحقاقات وأهدافا أخرى.
لكن ما نريد أن نركز عليه هو أن الفرص التي تتيح لشعوب تحقيق أهدافا على تنوعها معرضة للحرق والهدر والتلاشي، إذا ما كان الجهد الوطني مبعثرا وغير موجها ومركزا لحمل الأهداف والتصدي لمختلف الأخطار التي تعترض طريقها.
إن الجهد الوطني هنا يعني، مختلف الروافد الوطنية التي تؤمن بمضي الخيار الوطني المعين بتوفير الأرضية المناسبة لتحقيقه ورسوخه على حساب القائم السياسي والاقتصادي والاجتماعي المختل الذي رفضه هذا الشعب أو ذاك.
في اليمن هناك تحول عميق على مستوى الدولة والمجتمع، تحول حركته ثورة شعبية قطعت به شوطا كبير بما توفر لها من جهد وطني صمد في وجه كل محاولات اعتراض طريقه، إلا ان هذا الجهد وعند محطة معينة خٌلقت الكثير من التناقضات داخل روافده خفت ووهنت قوته، تناقصات أدت لكبح جماح التحول وفتحت ثغرات عميقة لتسرب الكثير من طاقة الجهد المحرك الأساس للقضية الوطنية وأهدافها.
إن روافد الثورة الشعبية التي مثلت ذات يوم مركز قوتها وعامل انتصارها تحولت إلى معيق كبير عطل وتيرة سيرها وشوه مسارها، فبدلا ما كانت هذه القوى الوطنية على تنوعها واختلاف أحجامها تنهض بمهمة إزاحة وتحطيم النظام الفاسد وادواته أصبحت تتصارع فيما بينها لتفتح الباب واسعا أمام الثورة المضادة وتحالفاتها، صراع فج أهدر جهد الشعب المكافح من أجل بناء دولة كل اليمنيين العدالة وعبث حتى بماهية الأهداف وجودتها.
من وجهة نظري أن الصراع المندلع داخل قوى الثورة أخطر على مستقبلها من الثورة المضادة، فالثورة المضادة على موعد مع الهزيمة عند أول توحد ينظم جهد الثورة المشتت والمهدور، بينما خلاف قوى الثورة واتساع رقعته وأبعاده مهدد بزوال الثورة وتلاشي التحول.. وهكذا تحرق الشعوب فرصها الذهبية والنادرة حين تتسرب جهودها من بين أصابع خلافها البيني.
اقراء أيضاً
بل كانت حربا على الحياة برمتها
"العودة".. حلم نازح
حجور تلك الانتفاضة الوطنية الخالصة