تُشكل ظاهرة تجنيد الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وفي اليمن خاصة كارثة إنسانية بكل المقاييس، وبحسب التقارير الدولية اعلنت اليونيسيف نسبة الأطفال في صفوف المحاربين الحوثيين بثلثي جميع المقاتلين في اليمن.
ثلثا المقاتلين يعني الآلاف من الأطفال الذين يتم استغلالهم من قبل هذه الجماعة التي لا تعرف إلا تدنيس كل ما هو طاهر وقتل كل جميل، والأسواء من هذا هو استمرار العجز الدولي بهيئاته ومنظماته المعنية عن مجابهة أو الحد من هذه الكارثة الممتدة الآثار مكاناً وزماناً، فالعالم مستمر بتجاهله وأيضاً هذه المليشيا مستمرة بتجنيد الأطفال للقيام بأعمال العنف والقتل والإرهاب وذبح البراءة وخلق أجيالا جديدة من الإرهاب، فهؤلاء الأطفال الذين ينشؤون على أصوات الرصاص ويتربَّون على مشاهد القتل والدمار والتفجير يشبهون تلك الألغام التي تخلفها هذه الجماعة ورائها لتحصد أرواح المدنيين الأبرياء، إلا أنهم ألغاما غير مستقرة على بقعة من الأرض بل متحركة يمكنها أن تنفجر حيث تشاء فوق كل أرض وتحت كل سماء، هذا يعني أن العالم كله سيجني ثمار هذا الزرع ،ثمار تحمل رائحة الموت وطعم الرعب .
التقارير والإدانات وحدها لا تكفي بل يجب التحرك جدياً وإحالة هذه الجريمة إلى المحكمة الجنائية الدولية كجريمة حرب وانتهاك لحقوق الطفولة يجب التحقيق فيها وأخذ إجراءات ميدانية وبشكل مباشر لحماية الأطفال والحد من انخراطهم في مستنقع الموت .
كما يجب توظيف واستغلال الكتل المدنية الموجودة في المجتمع اليمني لمواجهة هذه الآفة ،فالعمل على قطع أسباب انخراط هؤلاء الأطفال في الحرب هو المدخل الرئيسي والحل الأمثل بدلاً من الانتظار لعشرات السنين ، فجماعة الحوثي الإرهابية تستخدم التعبئة والتغرير وغسل عقول الأطفال واستغلال حاجاتهم المادية واستغلال الجهل والفراغ واستغلال قضايا الثأر والانتقام والكثير الكثير من الأساليب التي نجح فيها الحوثيون بزج الأطفال في الحرب والقتال في صفوفهم ،
الانتظار لن يزيد الطين إلا بلة في ظل استمرار خسائر المليشيا المتتالية وبالتالي اللجوء الى التجنيد الإجباري في المناطق التي يسيطرون عليها.
أسلوب الردع والحد وربما القطع ليس صعباً بل يحتاج لتظافر الجهود لإدراك خطورة هذه الظاهرة ،يجب ردعها بإلحاق الأطفال بالمدارس وإشغالهم بالتعليم ونشر الوعي بشتى الوسائل والمجالات ومحاربتها عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، على وسائل التواصل الاجتماعي، من على المنابر، في الإذاعات المدرسية وفي المراكز التربوية ،في الشارع والسوق، في المنزل وهو أهم الوسائل متمثل بالوالدين كما يجب فتح قنوات تواصل دائم مع مختلف منظمات حقوق الإنسان ووضعها في صورة انتهاك الطفولة وتدميرها.
يجب ألّا نقف مكتوفي الأيدي ونشاهد هذه الجماعة كيف تصنع الموت، كيف تخلق من البراءة إرهاباً، وتحول الغصن سكيناً، والزهرة قنبلة، كيف تقتل الطفولة جسديا ومعنويا وتفسد جمالها وكيف تنحر الأحلام في مهدها ،وكيف تزرع السموم في أرضٍ دمرت كل مقومات الحياة فيها.
*المقال خاص لـ"يمن شباب نت"
اقراء أيضاً
بل كانت حربا على الحياة برمتها
"العودة".. حلم نازح
الجُهد الوطني المهدور