عرض بن دغر للتحالف تغيير البنك والحكومة مقابل دعم العملة وإيقاف انهيارها وإشارته إلى وجود ملاحظات لدى "الأشقاء" يشير إلى أن أسباب هذا الانهيار الجنوني للعملة ليست اقتصادية وإدارية وفنية بحتة بقدر علاقتها بملفات وقضايا سياسية منها محاولة إخضاع الشرعية للقبول بدور قيادي سياسي وعسكري لعائلة صالح بعيدًا عن الشرعية وبدون الاعتراف بها وبدعم منها !
رسائل بن دغر للتحالف العربي استدعت "أهداف عاصفة الحزم" على نحو يتضمن إشارة غير مباشرة إلى وجود تجاوز لها، كما أن خروج الرسائل بشكل علني في الإعلام يعكس انغلاق قنوات التواصل بين الحكومة والتحالف العربي، أو عدم وجود استعداد للاستماع لوجهة نظر الحكومة فيما يتعلق بملاحظاتها أو مواقفها الرافضة لقبول أي انحراف عنها باتجاه دعم إعادة تأهيل عائلة صالح ورجال حزبه المتورط بالانقلاب وبجرائم حرب، عبر تشكيل قوة عسكرية وسياسية متمردة عن الشرعية وترفض الاعتراف بل وتعاديها وتستعد لإعادة ترتيب نفسها للنيل من شرعية الرئيس في ظل عدم وجود أي خطاب ضد الحوثي أو مجرد الإشارة إليه، كما بدا في كلمة أحمد نجل صالح وبيان سلطان البركاني وكلمات يحيى صالح ومؤخراً كلمة طارق صالح التي دعت لإيقاف الحرب على الحوثي من داخل مناطق الشرعية.
الإصرار على دعم تشكيل قوة سياسية وعسكرية تلم رجال الانقلاب الذين انتقلوا إلى مناطق الشرعية وتحت قيادة أقارب صالح، قد يكون مؤشرا على تراجع أهمية وضرورة الشرعية بالنسبة لمعركة التحالف مع إيران وأذرعها في اليمن، على اعتبار أن "إيران نجحت في إدارة معاركها في أكثر من دولة من خلال أدواتها المتمثلة بالمليشيات ودون الحاجة للشرعية" وقد أبرزت صحيفة العرب الإماراتية عنوان عريض قالت فيه إن طارق سيشكل قوة عسكرية ثالثة بين الشرعية والحوثي وقبل الاتجاه نحو تشكيل قوة عسكرية للانقلابيين المختلفين مؤخرًا مع شريكهم الحوثي، هناك في عدن قوات الحزام الأمني الغير منخرطة في الشرعية وكذا قوات النخبة الحضرمية !
في نوفمبر الماضي كتب عبد الرحمن الراشد مقالاً عن خيارات الحرب مع إيران، وقال دول المنطقة فشلت في تبني سياسة تتناسب واستراتيجية إيران في التمدد والسيطرة من خلال وكلائها، وذكر أن "إيران تضطر الخصوم إلى إحدى سياستين، مواجهة المصدر نفسه مباشرة، وهو النظام الإيراني، أو خلق وكلاء إقليميين والدخول في حروب الوكالات" والخيار الأول مستبعد وقوعه وفقا للراشد، أي الحرب مع إيران مباشرة، إلا في حالة دفاعية، هجوم منها مسلح مباشر، وهو ليس أسلوب طهران في إدارة أزماتها.
أما سبب فشل دول المنطقة في تبني استراتيجية تتناسب مع الاستراتيجية الإيرانية في التمدد والسيطرة، فهو عدم وجود رادع لإيران من نسق الأدوات الإيرانية ذاتها، أي المليشيات، وبالتالي يرى الراشد أن "تعزيز قوات الميليشيات المحلية في الدول المضطربة يبدو أنه الطريق المفتوح الوحيد إيران تدير المعارك عن بُعد، في اليمن وغيرها ولن تجد الدول بداً من اللجوء إلى التوازن عبر صراع الميليشيات"!
إيران لجأت لاستخدام المليشيات كونها تحارب بها شرعية الدول التي تسعى لالتهامها وإخضاعها ضمن نفوذها، ومن ثم تبني شرعية دولة طائفية على أنقاض شرعية الدولة الوطنية، وهكذا فعلت بالعراق، لكنها لا تهدم شرعية دولة قائمة تخضع لنفوذها كما هو الحال في سوريا، ولم تلجأ لمليشياتها إلا بعد أن انهارت شرعية الدولة الأسدية، كما لجأت للمليشيات عندما كانت الدولة الطائفية على وشك السقوط في العراق.
لكن إيران لا تهدم شرعية دولة محسوبة على نفوذها ولم تدعم مليشيات ترفض الاعتراف بها وتعاديها، وإن احتفظت بالمليشيات، فهي تجعلها رديف لشرعية الدولة الطائفية وتحت إطارها .
اقراء أيضاً
فزع الحوثي من انتفاضة الشعب
إيران بحاجة للاتفاقية بقدر الحاجة السعودية لها
26 سبتمبر