توسعت إيران عندما كانت علاقة السعودية بدول حزام إيران متوترة وخطيرة، منها علاقتها بباكستان وتركيا وعمان وقطر واذربيجان الدولة المنافسة للإيرانيين على القيادة الشيعية والاحتياطات العملاقة من الغاز المتنازع عليه بين الدولتين.
مؤخراً تحسنت علاقة السعودية مع هذه الدول ودخلت في اتفاقيات أمنية واقتصادية معها.
منذ ٢٠٢١ دخلت إيران مرحلة صعبة صارت مضطرة فيها للاستدارة نحو الداخل. بؤر صراع اجتماعية في شمال وغرب إيران في محاذاة تركيا واذربيجان وأفغانستان تطورت الى احتجاجات ومواجهات عسكرية وأمنية منتظمة ومنظمة. أصبحت توفر فرص بالنسبة لدول خارجية تريد ارباك إيران.
العلاقة الايرانية الاذربيجانية توترت خلال الأشهر الماضية وبلغت حد قطع العلاقات واجراء مناورات عسكرية ايرانية مع ارمينيا المعادية لاذربيجان وتركيا.
السعودية نجحت في إعادة بناء علاقاتها مع تركيا وباكستان وأذربيجان، وجميع هذه الدول المهمة تحيط بإيران جنوبا وشمالاً وغرباً. وفي افغانستان عودة طالبان وسيطرتها أزعجت إيران.
الرياض أعادت بناء علاقاتها مع عمان وقطر أيضاً وعززت علاقتها بالكويت ومن خلالها رتبت وضع منظومة الخليج أو حيدتها على الأقل وشكل ذاك تحديا للإيرانيين بقدر ما فوت عليهم فرص وأوراق قوة كانوا يلعبوا عبرها من داخل الخليج.
هناك تحد آخر يفسر حاجة إيران للاتفاق وهو تطور العلاقات الصينية السعودية والاتفاقات الاقتصادية العملاقة التي شكلت منطقة جذب للاستثمارات الصينية التي سارعت لنقل مشاريعها الاستثمارية من إيران المعزولة الى السعودية المندمجة ضمن الاقتصاد العالمي.
أيضا الصراعات والاحتجاجات الداخلية التي استمرت موجتها نحو ٦ أشهر وتصاعدت الى مستوى خطير داخل إيران، ومثلها تصاعدت التوترات والاحتجاجات المحلية داخل البلدان التي تسيطر عليها مثل العراق ولبنان وسوريا، وجميعها منهارة اقتصادياً وأمنياً، وصارت بمثابة عبء على إيران.
يمكن الاشارة للفرص الكبيرة في السنوات الأربع التي سبقت ٢٠٢٢ والتي حصلت عليها إيران بتوتر العلاقة السعودية الامريكية وبالضغوط السياسية والاخلاقية الغربية الكبيرة على الرياض بسبب دورها في اليمن، واليوم هناك تحول ملحوظ في توجه الضغوط الاخلاقية والسياسية الغربية نحو الحوثيين وهذا يظهر في تقارير اللجان الدولية بمجلس الأمن والأمم المتحدة وتقارير مراكز الابحاث والدعم مثل الازمات الدولية والخبراء الدوليين.
محليا الحوثية واجهت تحديات كبيرة في توسيع مساحتها العسكرية وفشلت في تحقيق أي اختراق في "الجانب المهم من اليمن بالنسبة للعالم وإيران" وهو الشرق النفطي والجنوب والغرب البحري وكان اقصى تقدم بلغته هو التوغل في الحزام الجبلي في مأرب، وكلفها ذلك خسائر عسكرية وبشرية يصعب تعويضها.
إلى جانب عوامل محلية تجعل من الانتصار العسكري المحدود للحوثة بمثابة هزيمة سياسية واقتصادية وادارية للجماعة التي تقف متأرجحة على شعب كبير وتحديات أمنية واقتصادية واجتماعية بالغة الخطورة والكلفة، واقتصاد منهار وجماعات مصالح كبيرة تنتظر مكاسب داخل الجماعة.
إيران رفعت أسهم الحوثة وليس العكس. الحوثية التي يعرفها العالم هي الحوثية البالستية والمسيرة التي يمكنها ازعاج الخليج النفطي والمالي. الحوثي لا شيء بدون إيران. كل انتصارات الحوثة العسكرية داخلياً كانت محدودة وصعبة للغاية وكلفتها عليهم كانت كبيرة ومنهكة.
كانت الحوثية تستدير وتلجأ للضغط على الداخل اليمني بالخارج عبر استهداف الخليج الذي بدوره يسيطر على قرار الجماعات المحلية المناهضة للحوثي.
لو يفقد الحوثي الدعم الايراني الباليستي والمسير لفقد عنصر قوته الرئيسي الذي يمكنه من تحقيق مكاسب محدود على المستوى المحلي.
*من صفحة الكاتب على فيسبوك
اقراء أيضاً
فزع الحوثي من انتفاضة الشعب
26 سبتمبر
نساء غريفيث