تداول رواد منصات التواصل الاجتماعي حديثا منسوبا لضيف إماراتي عبر قناة سكاي نيوز_ روّج من خلاله لفكرة استفتاء يتم بموجبه ضم جزيرة سقطرى لدولة الإمارات المتحدة، وبينما كان ناشطون يذيلون منشوراتهم بهاشتاج " سقطرى يمنية"، عارض أحدهم الهاشتاج باعتباره يشكك في يمنية الجزيرة، وذيّل منشوراته بهاشتاج" الجزر الثلاث إماراتية"، لتذكير السلطات الإماراتية بجزرها الثلاث التي تحتلها إيران، إن كانت تناست ذلك.
البوصلة الإماراتية انحرفت عن الجزر الثلاث واتجهت صوب سقطرى اليمنية، نفوذ كبير للإمارات في سقطرى، وتوسع ليس وليد اللحظة، إذ بدأ ينشط بشكل لافت، خلال السنوات التي تلت ثورة فبراير المباركة، من خلال المشاريع الخيرية والتنموية الإمارتية، لأبناء الجزيرة، وجاءت تلك المشاريع لسد الفراغ الذي تركته الدولة والحكومة في سقطرى، وكانت زيارة ولي عهد إمارة دبي حمدان بن راشد في2013 للجزيرة تعزيزا لهذا النفوذ المتصاعد، وهذه الزيارة المفاجئة جاءت بدون علم الحكومة اليمنية، التي اكتفت بالاستنكار والرفض.
منذ وقت مبكر، عملت الإمارات على تعبيد طريقها للسيطرة على سقطرى، وشكّلت الحرب في اليمن أرضية مناسبة، لممارسة مزيد من السطو والسيطرة، وممارسة البلطجة والتملك، في ظل غياب السلطة الشرعية، وهشاشة موقفها، وعجزها عن ممارسة سلطتها في مناطق سيطرتها المفترضة، إذ أن للإمارات اليد الطولى في إدارة هذه المناطق، ومنها أرخبيل سقطرى.
تحت يافطة العمل التنموي والخيري، شق رجال الإمارات طريقهم، للتوسع والسيطرة في أرخبيل سقطرى، وعندما تعرضت الجزيرة، لإعصاري ميغ وتشابالا أواخر 2015، وما نتج عنهما من أضرارا كبيرة في المنازل والممتلكات، كانت الإمارات من أوائل المبادرين، للتخفيف من معاناة المواطنين في سقطرى، ليس لهدف إنساني فحسب، وإنما لأهداف خاصة؛ فدولة كالإمارات لها بصمة كبيرة في تطويع معاناة المواطنين، وتسخيرها لخدمة مشاريعها العبثية، كما هو الحال في بقية المدن اليمنية.
جزيرة سقطرى، حاضنة الطبيعة والإبداع الربّاني، لا تحتاج لتشويه جمالها، بمظاهر العسكرية، وتحويلها لثكنة إماراتية خارج حدود إمارة محمد بن زايد، كما أن أبناء سقطرى الأنقياء ليسوا بحاجة لإغداق الأموال عليهم، لبيع أراضيهم، أو تجنيدهم ضمن قوات لا تؤمن بالقيم العسكرية والوطنية، قدر إيمانها بالعمالة والارتزاق، وإذا دفعت الحاجة البعض للانخراط في الخطأ، تبقى القناعة الداخلية أهم من مجرد مواقف مؤقتة.
خلال الفترة القصيرة الماضية، فرضت سقطرى نفسها على منابر إعلامية محسوبة على الإمارات، إذ بدأ الحديث عن العلاقة التاريخية بين الإمارات وأبناء سقطرى، وكيف أن القبائل الإماراتية استوطنت الجزيرة قبل مئات السنوات، ليصل الحديث إلى تهريج إعلامي ينتقص من السيادة اليمنية على الجزيرة، ضمن مسار إعلامي يفقد بوصلته كل يوم.
البوصلة الإماراتية كان أولى بها، إن تيمم شطرها صوب جزر طمب الكبرى والصغرى وأبي موسى، كون هذه الجزر إماراتية احتلتها إيران بقوة السلاح، والبلطجة العسكرية، وهما نفس أداتان تحاول الإمارات تطبيقهما لفرض سيطرتها على جزيرة تبعد عنها آلاف الكيلومترات، وربما يتساءل بعض مواطني الإمارات، ممن يقطنون جزرها الثلاث، عن سبب تخلي بلادهم عنهم، وذهابها للبحث عن أوطان لاتمتلك فيها مقدار باع، في حكم القانون والجغرافيا والتاريخ.
ستبقى سقطرى جزيرة يمنية، حالها كحال بقية المناطق اليمنية الخاضعة لنفوذ الإمارات بشكل مؤقت، ومهما كان حجم الدعم المادي، والخدمي الذي تقدمه الإمارات لأرخبيل سقطرى، فإن تأثيره لن يدوم طويلا، حالما عادت مؤسسات الدولة إلى نصابها الطبيعي، ومارست عملها في إطار القانون والعدل والمواطنة المتساوية، ولن يطول ذلك إن شاء الله.
اقراء أيضاً
سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
الجريمة في ظل اللادولة
موسم الهجرة القسرية