بالنظر إلى ما قبل مقتل "صالح" ووضع حزب المؤتمر الشعبي العام، بما هو قاعدة شعبية وجماهيرية وشبكة مصالح وارتباطات قبلية، وكيف تصرّف إزاء التحركات العسكري الحوثية والتصعيد الذي أنتهى بمقتل زعيمه "صالح"، في ظل جمود وصدمة وتيه مؤتمري..
يمكن من خلال ذلك استنتاج مصير الحزب وقاعدته الجماهيرية وشبكة مصالحه السياسية وارتباطاته الإقليمية، ناهيك عن كون المؤتمر بطبيعته حزباً وظيفياً نشأ كسلطة حاكمة، يتسع ويقوى كما ينكمش ويضعف بمدى قربه منها، أي من تلك السلطة.
كانت المليشيات الحوثية تزحف نحو صالح عسكرياً للقضاء عليه وتصفيته، وتغطي تحركاتها تلك بخطاب تهدئة وسلام، كما هي استراتيجيتها في كل المعارك التي خاضتها منذ العام 2004م. وفي المقابل جمود وتواري مؤتمري فاجئ صالح نفسه، بل أن المؤتمر بدأ في هذه المعركة الفاصلة أقرب إلى الحياد، إن لم تكن عناصر مؤتمرية قيادية وعادية شاركت إلى جانب الحوثيين. وقبل ذلك، كان المؤتمر قد خسر جزء من السلطة بفعل ثورة فبراير 2011.
قُتل صالح وهو رئيس الحزب، وقامت الحوثية بتصفية منظمة وممنهجة لقيادات المؤتمر الفاعلة، كأمينه العام "عارف الزوكا"، والعميد "طارق محمد عبد الله صالح"، نجل شقيق "صالح" وذراعه اليمنى، إلى جانب قيادات مؤثرة على مستوى دوائر الحزب ومراكز المحافظات..
في ضوء هذه المعطيات والمقدمات: أين سيذهب إرث المؤتمر وتركته السياسية والعسكرية والجماهيرية التي تركها صالح خلفه ورحل؟ فيما الحزب بين حملة تصفيات منظمة لقياداته التي ظلت مع صالح في صنعاء؛ وبين قيادة مؤتمرية ضعيفة وغير مؤثرة في ضفة السلطة الشرعية، فضلاً عن ابتعادها عن مناطق نفوذ الحزب في صنعاء والمحافظات التي لا تزال تحت سيطرة المليشيات الطائفية الحوثية...!!
يبدو أن تركة الحزب المريض ستتفرق إذاً، وسيذهب الجزء الأكبر إلى الحوثي، كونه المنتصر في مناطق نفوذ المؤتمر المهزوم والفاقد للسلطة التي نشأ بها، وللقيادة التي تضبط وتنظم مصالح الحزب، وقد تعامل الحوثي مع تركة الحزب كغنيمة بعد تصفية قيادته المؤسسة والفاعلة.
لكن، برغم أن جزء كبير من إرث المؤتمر سيذهب إلى الحوثي في مناطق نفوذ الحزب، بما سيعزز من قوة الحوثي، إلا أنه يجدر معرفة أن تلك القوة ستظل عارية ومكشوفة ومعزولة، وبقائها محكوم باستراتيجية بث الرعب والرهبة.
وأي محاولة تقودها قيادات مؤتمرية في الشرعية لإنقاذ الحزب، تبقى محكومة بتحرير هذه المناطق عسكرياً وهزيمة الحوثية.
اقراء أيضاً
فزع الحوثي من انتفاضة الشعب
إيران بحاجة للاتفاقية بقدر الحاجة السعودية لها
26 سبتمبر