أربعة أشهر تبقت لتكتمل دائرة الثلاث سنوات منذ أول تحليق لطيران التحالف فوق الأجواء اليمنية لمناصرة شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي وإيقاف الجنون الحوثي.
لم تحمل الطائرات حمائم السلام على أجنحتها، ولا بشائر النصر في ضجيجها، وكلما طال الوقت طال معها نواح الضحايا من المدنيين في ظل عدم وجود أي خطة لحرب حقيقية ضد الحوثي-صالح.
كبرت مآسي الطيران، وكبر معها حزن اليمني على وطن فرقته أيادي القريب والبعيد، وأوجعه البارود القادم من السماء والأرض.
يموت أنبل الرجال في السجون تعذيبا، وتموت أنبل نساء اليمن في الجبال والشوارع والأرياف ببارود الحوثي والتحالف، وتتناثر جثث الأطفال بقصف مزدوج لا يفرق بين عسكري ومدني ومعاق ورضيع.
لم يعد هناك ما يمكن أن نشكر التحالف عليه، ولم يعد لهؤلاء الذين سيصرخون لائمين لبكائنا أي حجة ليحاجونا بها أمام هذه الأشلاء. أما أولئك الذين سيصرخون بأننا نحن من ساندنا التحالف فليس لقذارتكم أمامنا أي متسع، فقد فعلتم باليمن مالم يفعله المجنون بدمية، وأنتم آخر من يتكلم، فأنتم من جلب كل هذا الخراب والبارود إلى سمائنا وأرضنا وأشلائنا.
كل يوم يتضاءل الأمل بكل هؤلاء، تحالف يجبرك على الاعتقاد أنه يقوم بخدمة مشروع الحوثي بأكبر قدر ممكن من التصرفات، إجراءات تجبر المتأمل أن الحالة انتقامية وليست داعمة.
أشاهد كل هذا الألم في حروف ودموع أولئك الذين صرخوا محبة للتحالف، وأشعر بكل هذا الغضب الذي يبدد آمالهم، صبروا وانتظروا خيرات التحالف فلم يجدوها، بحثوا عن ملجأ من التحالف ذاته، فليس أمامهم سوى عدو لا يؤمن بأننا بشر مثلهم.
هي المأساة بكل ضروبها، هارب من جحيم الكلاب إلى جحيم آخر لا يفرق بين عدو وصديق، لا ملجأ من هؤلاء ولا من هؤلاء، وكأن لا أحد يشعر بخوف من عواقب الأمور.
نشاهد هاشتاجات الأشقاء المهينة لكل ما يتعلق باليمن فلا نملك إلا اللعنات نكيلها لعلي عبدالله صالح، أبو المصائب والبلاء، حتى الألم صرنا نستحي أن نتألم خشية الشماتة هنا أو هناك.
كلما قلنا هي فترة يترتب فيها بيت الأشقاء ليلملموا المشهد ونخرج من هذه الدوامة إلا أننا ندخل في دوامات دماء وآلام وقهر منهم لأننا وقفنا معهم في مشروع وأحد.
حين نتألم اليوم لا يعني أن شيئا سيشدنا هنا أو هناك، مازال العدو واحد. وحين لا نجد من سيساندنا ضده فإننا سنبيد أنفسنا قبل أن نقبل على أنفسنا مثل هذا الفكر والرعب والقهر.
كان ظلم ذوي القربى أشد مضاضة، ولكن ذوي التحالف كانوا أشد لأن ظلمهم يحمل بارودا أعمى يفتك بنا في حين يتجول الكلاب في جبال ومدن البلاد بلا رادع أو طائر ليتبرز على رؤوسهم.
كل هذه المواكب والاحتفالات والعروض العسكرية وغيرها لم يمر عليها عصفور من السماء ليبصق أو يلقي أوساخه عليها.
اليوم تفتحون باب السخرية على أنفسكم وعلينا معكم بأنكم تبحثون على أربعين شخصية حوثية لتستهدفوها بينما هم يتجولون بكل أريحية كل يوم، بل ويشعرونا أنكم متفقون معهم.
أحيانا أشعر أن هناك طرف آخر يتعمد الإساءة للتحالف ويورطه في تصرفات تجعله أكثر حماقة من الحوثي، ذلك هو الأمل الذي يجعلنا نعيد النظر والتريث، علّ شيئا يمكن أن يحدث ويغير هذه المعادلة.
لن نفقد الأمل، مع أن التحالف نفسه يصر على أن أملنا ضرب من الغباء.
اقراء أيضاً
طفولتنا السبتمبرية
الحِنيّة البريطانية بين الحديدة ومأرب!
طارق.. قبعة أصغر من رأس تعز