الفوضى الحاصلة في عدن لم تكن استهداف لحزب الإصلاح في العاصمة المؤقتة وحسب، يجري استهداف شامل لكل مقومات الاستقرار ومظاهر الدولة فيها. قبل إحراق مقرات حزب الاصلاح، تم حرق اقتصاد عدن عبر تجميد الميناء والمصافي وتحويلهما إلى وكر مافيا لا تعلم الحكومة الشرعية ما لذي يحدث فيهما.
تتم في العاصمة المؤقتة عدن، إعادة صياغة للوضع العسكري، وبات مشهداً قاتما وسوداوياً بلا ملامح، وحدات عسكرية مناطقية وجهوية تتقاسم عدن وتهيمن عليها سياسيا وعسكريا واقتصاديا.
يتنقل المواطنون في المدينة وبين النقاط العسكرية المنتشرة فيها بكثافة، فيسمعون حديثاً عن نقاط عسكرية تتبع "الضليعة"، ونقاط أخرى تابعة لـ"البدو" أي لشبوة وأبين، ونقاط تتبع "الشيخ" في إشارة لهاني ابن بريك الموالي لدولة الإمارات العربية والمقيم فيها.
يسري الأمر على وضع المعسكرات في المدينة أيضاً، فهناك معسكرات تتبع السلف ومعسكرات خاصة بالضالع، ومعسكرات موالية لأبين ووحدات عسكرية تابعة للحج والصبيحة..الخ. كل ذلك ليس سوى ترسيم لخارطة الصراع وإعادة صياغة لمجتمع لن يستطيع أن يتشافى قريباً فيما لو استمر الوضع كما هو عليه.
ثمة تعطيل ممنهج للتجارة والانشاءات في المدينة وللبنك المركزي اليمني.. أين دور البنك؟ وما إنجازاته بعد مرور قرابة عام ونصف على قرار نقله من صنعاء إلى عدن؟ ومن الذي يعيقه؟ وكيف وماذا عن الإيرادات؟ وممن يتلقى التعليمات والتوجيهات؟.. الخ.
منظومة الأحزاب السياسية في عدن، هي إحدى الأدوات المستهدفة وليس حزب الاصلاح وحده، حتى الاشتراكي لم يٌسمح له بالوجود كحزب سياسي، وإنما عناصر وجدت نفسها أمام الانخراط في التشكيلات الاجتماعية والمليشاوية الجديدة، وهذا يجري ضمن هدف إعادة صياغة الوضع اجتماعيا وعسكرياً وسياسيا بحيث يبقى قابل للانفجار والتحكم.
الفوضى المصطنعة في عدن أعادت طرح تساؤلات حول أهداف التحالف العربي ذاتها. إذ أن عدن تخضع عمليا للتحالف وتتواجد فيها مقرات قيادة قواته، وكل ما يجري في المدينة، على الأصعدة كافة، يكون التحالف مسئولا مباشراً عنها.
فإذا كانت فوضى عدن تعيق تحقيق الأهداف المعلنة لعاصفة الحزم وإعادة الأمل، فالتحالف إن لم يضع حد لهذه الفوضى المتنامية، سيبدو أمام اليمنيين والعالم راعياً لها، وتصبح الأهداف المعلنة مجرد غطاء لأهداف غير معلنة.
أما محصلة هذه الفوضى المتنامية في العاصمة المؤقتة (المحررة)، فهي بقاء أطول للانقلاب إن لم يستثمرها نحو إعادة تموضعه عسكريا وامساك زمام المبادرة، وتغيير الخارطة العسكرية لصالحه مجدداً، وتوطيد أكثر للخطر الإقليمي الإيراني.
كما أنها تؤثر بشكل كبير على الغطاء الأخلاقي لعمليات التحالف العربي وتضرب الغطاء السياسي والقانوني لعاصفة الحزم وإعادة الأمل، والمتمثل بالسلطة الشرعية التي تبدو المستهدف الأول من فوضى عدن.
اقراء أيضاً
فزع الحوثي من انتفاضة الشعب
إيران بحاجة للاتفاقية بقدر الحاجة السعودية لها
26 سبتمبر