على مقربة من القمامة كانت امرأة تترصد لحظة غفلة العابرين في الطريق لتأخذ شيئا من القمامة، تتكرر مثل هذه المشاهد يوميا في كل المدن اليمنية لكن هذه المرة كانت امرأة ثلاثينية يبدوا أنها ممن تضرروا خلال الأشهر الأخيرة للحرب التي لم تنتهي بعد، في حين جعلت المواطنين يعيشون حياة تراجيدية أكثر بؤساً.
تتجه الحرب في اليمن تدريجيا نحو النسيان في الوقت التي تتحول فيها الأزمات والكوارث التي تعصف باليمنيين يوميا إلى حدث يومي عابر لا أهمية له رغم ما فيه من أوجاع ومأساة إنسانية يصعب على الإنسان السوي التماهي معها غير أن الكثير من الناس صاروا يعتبرونها حوادث عادية لا تستحق أن يقف أمامها ولم تعد تثير تعاطف أحد.
يموت يوميا مواطنين بسبب الكوليرا وتصدر منظمة الصحة العالمية بيانات يومية عن وفيات جدد لكنها أصبحت مملة لدى المتلقي وكأنها النشرة الجوية، في اليمن حوادث وجرائم كبيرة وقتل ودماء تفخخ مستقبل الأجيال القادمة في أواخر شهر يونيو الفائت كشف تقرير أمريكي عن تنامي حالات الاتجار بالبشر في عدد من المحافظات منذ بدء الحرب بحسب التقرير، ويحدث في اليمن عملية واسعة لتجريف الآثار وتهريبها عبر سماسرة ولصوص.
يموت يوميا مواطنين بلا حيلة في مواجهة الأوبئة والحرب في الوقت الذي يتزايد رصيد تجارها في البنوك وكأنهم في سوق نخاسة للدم المسفوك وأوجاع المواطنين الذين يبحثون عن أمان ومعيشة، لا يكترث أولئك كثيرا لحالة الناس السيئة ووضعهم القاسي ما داموا بأمان يمارسون هوياتهم في العبث بمصير البلاد التي أنهكتها الحروب والصراعات.
إيقاف الحرب ونشر السلام ضرورة وطنية من اجل أن يتوقف هذا الانهيار المتتالي بعد أن تحولت البلاد إلى ساحة لحروب المصالح التي يجني منها كل الأطراف الثمار، لا شيء يدعوا لاستمرار هذه الحرب القاسية بعد أن أصبحت في سلة المهملات في ظل ظهور أولويات أخرى بين جميع الأطراف، واليمني لا يريد أن يخسر كل شيء في حرب يبدوا أن لانهاية لها كما يراد لها.
فقد اليمنيون كل شيء في هذه الحرب وتجمدت حياة الناس الذين قذفت بهم الحرب إلى النزوح أو الاغتراب قسرا خارج البلد في رحلة معاناة للبحث عن الأمن والمعيشة التي تؤمن مستقبلهم، وفي الأخير وجد مئات الآلاف من الموظفين أنفسهم بلا رواتب منذ أشهر، وأدخلت القضية الحقوقية في أدراج النسيان مثلها مثل كثير من الحقوق التي ضاعت على هامش الحرب.
*المقال خاص بموقع "يمن شباب نت"
اقراء أيضاً
الصين واليمن
هل كان لدينا جيش؟
"غريفيث" وتسويق الوهم