لا زال "غريفيث" المبعوث الأممي إلى اليمن، يسوق الوهم ان اتفاق ستوكهولم لازال قابل للتنفيذ بين الأطراف اليمنية بعد أكثر من ثلاثة أشهر من اعلان الاتفاق عقب مشاورات السويد والتي تمت خلال عشرة أيام بحضور دبلوماسي دولي والذي كان عامل ضاغط على الأطراف لتحقيق تقدم في الملفات التي تم إعلانها.
وكما أن الاتفاق تم بطريقة سريعة لتجنب اعلان فشل المشاورات والتحشيد الدبلوماسي الدولي الذي صاحبها، لكن النتيجة كانت واضحة من البداية، أن كلا الطرفيين ليسوا راضيين على بنود الاتفاق، ولا يوجد أي ضمانات للتنفيذ، وهو ما جعل الاتفاق ينهار بالتجزئة، حيث فشلت جميع الملفات ولم تتقدم خطوة واحده، ولم يتبقى الا الحديث عن ملف مدينة الحديدة المتعثر أصلا والذي أصبح في طريقة للفشل الكامل.
في حديث غريفيث لوكالة "أسوشيتد برس" قال إن اتفاق وفق إطلاق النار في الحديدة لا يزال سارياً، وإن عملية إعادة الانتشار تسير ببطء لكنها ستتم. وهذا هو الحديث المكرر الذي يعلنه كل مره للإعلام في محاولة بث الامل بان الاتفاق لايزال صامد وقابل للتنفيذ، في الوقت الذي يعرف جيدا أن خروقات وقف إطلاق النار مستمرة وبشكل يومي، بالإضافة إلى انعدام الثقة بين الطرفين والتي تحد من التقدم بخطوات نحو التنفيذ.
ورغم ان تلك الخروقات مستمرة جزيئاً، وتمارس في نطاق محدود من الجبهات حيث يتوقف كل طرف بمكانة ولا يريد انجاز تقدم ميداني خوفاً من أن يكونوا الطرف المتسبب في انهيار الاتفاق والبدء بمعركة شاملة، لكن حالة الركود الجارية عملية لعب في الوقت لصالح حالة التراخي في مسار الحرب والسلام على حد سواء، حيث تظل الاتفاقات رهينة عدم الالتزام، والحرب تطول وتحصد أرواح الناس وتضاعف مأساتهم الإنسانية.
وكأن الأمم المتحدة تسير على هذا النحو، فلا هي أعلنت عن الطرف المعرقل واتخذت عقوبات صارمة تدفع به إلى الالتزام بالاتفاقات، ولا هي تقدمت خطوات في التنفيذ منذ أشهر، حيث لازالت تمارس نفس الأسلوب والسلوك في مسار عملية التجزئة للقضايا والتي ستطول ولن تنتهي في الوقت القريب.
الرهان على تنفيذ اتفاق الحديدة أصبح فارغ المضمون وعملية تضليل لليمنيين ان هناك سلام قادم واتفاق سيتم تنفيذه، والحقيقة على الواقع أن لا شيء سينفذ، وسيبقى الحال على ما هو الآن، لا حرب تسير في طريقها إلى النهاية، ولا سلام ينهي حالة الحرب ويعطي الأمل لليمنيين، وعلى هذا تدير الأمم المتحدة البلاد بطريقتها المظللة والميؤوس منها في إنهاء الصراع.
"غريفيث" أصبح وسيط أممي فاشل يهرب من القضايا الأساسية في تجزئتها من أجل تمديد الحرب بطريقة ناعمة تديرها الأمم المتحدة، فبدلاً من العمل بشكل مكثف على إنعاش اتفاق ستوكهولم، تم عقد مؤتمر للمرأة اليمنية في عمّان لمناقشة مشاركتهن في السلام، في عملية فلهوة وتهرب من المهمات الأساسية التي يمكن العمل ضمنها لإحلال السلام وإيقاف الحرب.
إجمالا تسعى الأمم المتحدة للإبقاء على حالة الحرب بوتيرة اقل ومخففة، بحيث يتم ضمان عدم توسع القوات الحكومية للسيطرة على الحديدة، وتجميد بقية الجبهات وبذلك تضمن بيئة عمل لمنظماتها التي ستعمل على إنفاق اعتمادات المانحين والتي أعلنت الشهر الماضي بقيمة 2,6 مليار دولار. ولا يمكن ان يتحقق شيء في تنفيذ اتفاق ستوكهولم حيث أصبح اعلان فشلة أقرب من بدء تنفيذه، وبالتالي تكون فرص السير نحو ابرام تسوية سياسية برعاية أممية شبة مستحيلة.
وتدخل اليمن عامها الخامس من التدخل العسكري للتحالف العربي، ولاتزال آمال السلام عن طريق الأمم المتحدة مستحليه، في الوقت الذي تسير في طريق طويل يحمل أجندات خاصة لا علاقة لها باليمنيين، وبهذا تبقى اليمن ساحة حرب مفتوحة لأجندات مختلفة تسعى لتحقيق أهدافها على المدى الطويل، وبذلك نخسر نحن اليمنيين بلادنا واستقرارها في ظل حالة التنازع، وتضاد الأجندات والأهداف للقوى الدولية والإقليمية المختلفة. وفشل الحامل السياسي الوطني في انقاذ البلاد من الضياع والتفكك.
اقراء أيضاً
الصين واليمن
هل كان لدينا جيش؟
خذلان الصحفيين المختطفين