القضية الجنوبية مسار نضالي طويل واعتراك ممتد تبلور خلاله الحراك العام وتشكل الوعي وتحددت القضية واتضحت معالمها وآفاقها ورموزها وقواها الفاعلة، وتأطرت كقضيةٍ وطنية ذات أولوية خاصة.
لم يكن سهلاً الاستمرار في حمل القضية والحفاظ عليها وحمايتها من جنوح البدايات والغضب المنفلت في اتجاهات خاطئة والشحن العصبوي والاختراقات ومحاولات التشويه والانقسامات ومواريث الصراع والإستقاطابات والتنازع على الأدوار وسوء الاستغلال والانحراف عن الوجهة.
تولى كثيرون مسؤولية التنضيج والترشيد وحراسة القضية وإبقاءها في مأمن من اية محاولات عابثة، وخلال عقد من الحضور انكسرت مغامرات ورهانات فوضوية عديدة وتراجعت اندفاعات جنونية وانحسرت تيارات ثأرية مأزومة ووجوه وجهات كانت عبئا على القضية وسببا في تعويقها وإغراقها في المشكلات .
مرت فترات وكان في وسع البعض ركوب النقمة وتأجيج السخط وتبني خيارات متسرعة قاصرة لا تخدم القضية ولا تحقق شيئاً من مطالبها العادلة، كان للقضية وعيها الحامي والحارس فكيف أغفى الآن ومرر هذا الانتهاك ؟ كيف سمح بتمييع القضية وتحويلها إلى مادة ابتزاز وثأر شخصي على هذا النحو؟
وكيف يتحول الزبيدي وبن بريك بعد الإقالة إلى زعيمين للجنوب ويتزعمان قضيته وينتزعان تفويضا مطلقا من شعبه في يوم الحشد .؟ وماكانا من زعاماته حاضرة المشهد؟، الغرابات أكثر من أن تعد، كيف تغدو القضية الجنوبية مشجباً لموظفين مقالين أسقطا حنقهما الشخصي على القضية الجنوبية وجعلاها مادة ثأر وانتقام ؟
ولماذا يتراجع الوعي الحارس للقضية في هذه اللحظة الحرجة بالذات من تاريخ اليمن ؟ وهل وصل اليأس حد القفز نحو المجهول والتعويل على أكثر الخيارات بؤسا وتخلفا وعبثية؟، كانت الجرعة مشجب الحوثي وصالح في الانقلاب على المشروعية شمالاً، وهي القضية الجنوبية مشجب الزبيدي وبن بريك ومن وراءهما في الانقلاب جنوباً.
مصدر التفويض واحد والخيانة عينها والمتواطئون الشركاء في الجرم والإثم هم هم، وكما اتخذ صالح الحوثي أداة انتقام ليصير أسيرا له، يبدو الزبيدي وبن بريك والكيان الخدج المعلن عنه موضوع انتقام واضح وفاضح هو تكرار لذات الخيانة ولذات المآل.
*من صفحة الكاتب على فيسبوك
اقراء أيضاً
لا مشروعية تتأسس على الخرافة والموت!
غزة الاستثناء المقلق
حين يكون الحضور عين الغياب