في مروحية الرئيس الإيراني المفقودة، عزاء لكثير من الشعوب، حيث ما زالت الثارات بين الفرس والعرب تفعل فعلها في السياسة والحياة العامة وردود الأفعال..
 
والدور الإيراني الراهن في المنطقة، سواءً كان أداة من أدوات هذا التنافس المحموم، أم دور له سياقاته المختلفة وأفرزته التراكمات السياسية والاجتماعية والثقافية في إيران، فإنهُ لا ينفك عن كونه جزء من صراع التاريخ والذاكرة.
 
لم تتوقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن تصدير الفوضى، وانتهاز الفرص لتفكيك المجتمعات، وإثارة الخلافات، من خلال منهجية فكرية ثقافية طائفية، تطييف المجتمعات وتمكينها من السلاح الذي تضرب به الدول المستهدفة، وتدمر مؤسساتها وأركانها القوية.
 
 ولقد نجحت إيران، خلال عقود؛ من إغراق الوطن العربي بالدم العربي، كما نجحت باختلاق الأسباب التي تمنح القوى الاستعمارية الذرائع الكافية للتدخلات في المنطقة، كما تمنح هذه القوى مبررات التواجد والبقاء، وذلك ربما في إطار "نظرية التخادم" الكبرى بين طهران وعواصم القرار العالمي، وتحديدا الغرب الذي تناصبه ثورة إيران الإسلامية العداء المزعوم.
 
وعلى كل حال؛ أراقت إيران، بطريقة مباشرة وغير مباشرة؛ الكثير من الدم العربي، ودمرت العديد من العواصم، وتلك أسباب كافية ووجيه لإظهار الشعوب المتضررة فرحتها، كما حدث في مقتل قاسم سليماني سابقاً، كما هو أيضا مع مصير المروحية المفقودة للرئيس الإيراني ومرافقيه يومنا هذا.
 
نعم؛ هو عزاء لا يسمن ولا يغني من جوع، ليس نصراً استراتيجياً، ولا محطة يمكن التوقف عندها طويلاً حتى وإن مات "رئيسي" ووزير خارجيته عبد اللهيان. فالمشكلة ليست فيهما، ولا في تخصيب اليورانيوم، بل في تخصيب العقول، وتطييف المجتمعات؛ لكن يبقى عزاء يستأنس به المتضررون في دول الصراع والنازحون في المخيمات والمشتتون في أصقاع الدنيا، على خلفية التمويل والدعم الإيراني للجماعات التي ترعاها لتقتل بها العرب وتقدم المنطقة المنهكة والضعيفة على طبق من ذهب لتل أبيب وواشنطن.
 
ضاع "رئيسي"، هكذا قالت الجهات الرسمية في طهران. كما قالت أيضاً أن الظروف الجوية تحول دون التوصل لطائرته، وأن الأمطار والثلوج هي الأخرى تعيق عمليات البحث عن رئيسهم المفقود. ولعل من سخريات القدر أن تلجأ هذه الجمهورية إلى "أنقرة" للمساعدة بإرسال طائرة مسيرة تمتاز بإمكانية الرؤية الليلية، ما يظهر ذلك البعبع، المسمى بـ "الحرس الثوري الإيراني"، وفيالقه الممتدة عبر أربع عواصم عربية، مكللا بالعجز من امتلاك مثل هذه التقنية البسيطة..!!
 
ولا حكمة مستشفة من ذلك، هكذا تدور الأحداث بكل بساطة، بينما تمتلئ وسائل التواصل العربية بموجه واسعة من السخرية والشماته، والعزاء والمواساة، ليس للشعب الإيراني في مشهد وقم، بل لمصارع قومنا، وأوجاعنا المتوزعة على أربع ميليشيات وتزيد.
 
ربما يغادر أبطال هذه المروحية الحياة بالملفات التي يحملونها معهم، ولكن سوف تبقى طهران بالتأكيد، والحرس الثوري هو الآخر سوف يبقى. وبالمقابل هل ستبقى المواقف العربية مقتصرة على التندر والضحك؟ تلك السخرية التي تواجه به واقعها الداخلي الصعب، وتواجه به الاعتداءات الخارجية القاتلة.
 
ويا لها من سخرية، تلك التي تثير الشفقة على ملايين من الناس المناوئين للنظام الإيراني، المتضررين من أنشطته العنيفة والقاتلة..!
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر