يهدف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الحرب على أوكرانيا، ليس احتلالها، وانما للتوصل معها إلى اتفاق تتنازل بموجبها عن شبه جزيرة القرم، وعن مناطق الشرق بإقليم دونباس، وعن سيادتها بإعلان الحياد.. ولذلك التلويح بالاحتلال هو التهديد لا الهدف.
ولأن الامر على هذا النحو، فإن الحرب أفضل الخيارين بالنسبة للأوكرانيين؛ إن كان الخيار الآخر هو الاتفاق المُذِّل الذي يخسرون بموجبه الارض والسيادة.
فبوتين، وإن كان قادرا على احتلال أوكرانيا؛ من الواضح انه يتباطأ في فعل ذلك. فقواته التي تتقدم ببطء تحقق له هدف الضغط على الأوكرانيين لجلبهم إلى طاولة توقيع الاتفاق الذي يريده.
الا أن الأمور قد تتغير كليا. والغرق في المستنقع الاوكراني قد يجبر بوتين على توقيع اتفاق آخر مع الأوكرانيين للخروج من بلادهم؛ يعيد بموجبه كل الاراضي الأوكرانية. فالحرب كما هي مهدد، هي أيضا فرصة للأوكرانيين لاستعادة كامل أراضيهم وسيادتهم عليها.
الورطة في حرب الإرادات هذه، للأوكرانيين كما هي للروس، وكذلك لأوروبا؛ هي: أن يعلقوا في حرب طويلة الأمد، لا أحد يتوقع نتائجها ومآلاتها..
اذ لابد لبوتين، وقد لوح بورقة احتلال أوكرانيا، أن ينهي ما بدأه، ولذلك؛ فهو وإن كان يرغب في التوصل للاتفاق المنشود قبل احتلال العاصمة كييف، فإنه قد يضطر لاحتلالها إذا عاند الاوكرانيون ورفضوا منحه الاتفاق الذي يرغب فيه.
لكن: هل سيتحمل بوتين البقاء طويلا في أوكرانيا؟! حيث يمكن أن تتحول قواته أهدافا للمقاومة الأوكرانية!
وإن كانت الحرب الاستنزافية هذه، تناسب الأمريكان؛ فهل يناسب الأوروبيين اشتعال جوارهم، في شرق القارة، في حرب طويلة الأمد، مع تبعاتها الاقتصادية والإنسانية؟!
لكن ماذا لو قرر بوتين، بدلا عن التوغل أكثر في المستنقع الاوكراني، الاكتفاء باقتطاع شبه جزيرة القرم، وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك في الشرق، ومواصلة حصار أوكرانيا بحرا، وجوا..، فهل يناسب ذلك الاوكرانيين؟!
أشك في ذلك..
اقراء أيضاً
في مستقبل الصراع اليمني بعد غزّة؟
عن فرص السلام ومخاطره في اليمن
"هُدنة".. أم فرصة خطرة