على مستوى الذات، هناك صراع قائم لا يفتأ بين رغبة وأخرى، قد تكون نقيضتها أحيانا..!!
الصراع بين وجهين مختلفين سُنّة في الحياة، وامتدادا لطبيعة النفس البشرية التي تملّ الخيار الوحيد ولو كان منًّا وسلوى. لكن تظل ملامح النفس السوية، المحبة لقيم الجمال والحق، تلوح بيّنة واضحة مهما تلاطمت بها أمواج النفوس السقيمة بالأهواء والتفاهات.
الخلل في ميزان العدل، لدى بعض النفوس، يجعلها تختار القبيح لتُحسنه وتزيّنه في عيون الآخرين، مؤمنة أن طريقها هو السليم، وهي أبعد ما تكون عن سلامة النفس؛ محشوة بالأحقاد والضغائن، تكاد لفرط تشوهها تقبل بكل العلل نكاية بمن يخالفها.
والحرية وليدة الوعي، وهي الوجه الآخر للجمال، ولا يحيد عنها إلا من شاهت نفسه، واستوطنتها نجاسة العبودية ومرضها الموبق.
لقد نمت الحرية في تطور معقد أثناء تشكل التجمعات البشرية ونزول الديانات السماوية، ثم نشؤ الأنظمة والأحزاب السياسية ووجود القيم الإنسانية.
بل أن تاريخ الإنسان كله ما هو إلا صراع وكفاح مرير من أجل الحرية، خاضه الإنسان- بداية- ضد قوى الطبيعة التي قيدته في ظروف حياته، ثم ضد أخيه الإنسان عند اختراع التملك والسيادة، والصراع عليهما، وصراع الطبقات الاجتماعية وما فيها من ظلم وجور، وحدوث الرق والعبودية الجسدية في طور من أطوار حياة الإنسان.
فكرة الصراع من أجل الحرية هذه، هي مسيرة حياة البشرية ورسالة الإنسانية. فلا غرابة حين نجد نفوس تهتف للعبودية وتشجع بقاءها، كطريق للأمان، لأن ثوب الحرية واسع عليها. وهذا هو الوجه القبيح للصراع البشري.
المؤسف في الأمر، حين تتصدر النخب الثقافية عملية تحسين القُبح وتشويه جمال الحرية! وهي النخب الأكثر وعيًا وعلى عاتقها المسؤولية، كونها على دراية بالحقائق ولديها مكانة معينة كي يستمع إليها الناس..
وفي حين كان يفترض بها تحمل مسؤوليتها المتمثلة في عرض الحقائق بمصداقية وفضح الأكاذيب والتدليس الإعلامي، بل وقيادة العوام من الناس إلى التغيير، إلا أن ما حصل- للأسف- هو النقيض!!
أصبح من يناضل، مدفوعا بغريزته نحو الحرية، لا يضمن النصر لتكالب القبح حوله، لكنه يحاول ويستمر ويقع ليقف، يعلم أن إنسانيته جديرة بالأفضل.
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية