مأساة النازحين في وطنهم أجدر بتسليط الضوء عليها أكثر من بعض القضايا التي تتداولها مواقع التواصل وتحشد لها الأقلام والدعوات ولفت الأنظار والاهتمام..
النازحون الذين شردهم الحوثي من بيوتهم وقراهم ومناطقهم البعيدة، وقدموا مأرب الجمهورية، رغم تكثيف الحوثي لهجماته على هذه المدينة وضواحيها مما أثر كثيرا على النازحين قرب مناطق الاشتباك ليتحركوا في نزوح آخر هروبا من نيران الحرب..!!
هؤلاء النازحون الذين تكالبت عليهم شتى الظروف والعوامل لجعلهم الفئة المختارة للنصيب الأوفر من الشقاء. فإلى جانب أنهم تركوا بيوتهم ومناطقهم، فهم يعدون الأفقر والأشد حاجة إلى المعونات. فلا يعد نازحا إلى مأرب من تمكن من بناء بيت أو فتح مشروعه الخاص، بل هو مستثمر تنقل برأس ماله بحثا عن أفضل الأماكن لأعماله.
النازحون هم المقيمون في خيام مهترئة، يواجهون برد شتاء هو الأعنف، كما واجهوا أمطارا هي الأغزر، بل ويواجهون ما هو أسوأ من عوامل الطبيعة.. إنهم يواجهون الإهمال والتعسف من قبل المنظمات والدولة!!
يعيش هؤلاء، مع أطفالهم ونسائهم، واقعا قاسيا لا يتحمله الكثيرون، ولا يتخيلون مدى صعوبته، فكيف يتخيل البرد ذلك القادر على التدفئة بأي طريقة؟؛ وكيف يتخيل الأب أن يبقى أطفاله حفاة بلا أحذية، أو عراة لا تسترهم سوى ثياب ممزقة؟!
العناية الصحية غائبة؛ والغذاء الكافي والصحي شحيح أو منعدم؛ لا يدري أمثالنا من ساكني البيوت كيف تكون الحياة في خيام النزوح..؟!
فيما الحوثيون يشيدون القصور والطيرمانات بمبالغ وصلت إلى المليارات؛ مباني تظهر كل يوم في مناطق سيطرتهم بعد إزاحة وتهجير المواطنين المغلوبين على أمرهم..!! الأموال الطائلة التي نهبوها خلال هذه السنوات ظهرت في استثمارات شخصية لأسر السلالة وأذنابها على حساب المواطن المسكين..!
هذا الفارق المخيف، بين خيام النازحين الممزقة وبين قصور الحوثيين، سيظل عارا على قبح السياسة وعجزها وفشلها وإرسائها لدعائم الظلم والطغيان، فقط من أجل مصالح حزبية وشخصية صار الوطن والمواطن خارج الحسبة فيها تماما. لم يعودون بحاجة لصوت هذا الشعب في انتخابات ما، كي يتذكرونه، فقذفوا به وبوجوده في خيام النزوح والشقاء..!
يكفي المسؤولون، الذين يحتلون مراتب متقدمة في شراء العقارات في تركيا ومصر، نجاتهم. عشرات العقارات بمئات الآلاف من الدولارات تدفع من أجل النجاة من سفينة أغرقوها بسياساتهم ليتجرع غيرهم وبال هذه السياسة!!..
هذه المبالغ تدفع كرواتب وصرفيات من عائدات الدولة لموظفيها المقيمون خارج البلد، كان الأولى أن ينفق جزء منها على النازحين المشردين في العراء والفقر والبرد.. ولو من باب الشعور بالحياء والمسؤولية.
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية