تتعامل ميليشيا الحوثي المخزون البشري الكبير في المناطق التي تسيطر عليها كثروة مهمة يتوجب استغلالها لصالحها، خاصة الفئة العمرية الأصغر سنا.
يحتاج الحوثيون لتعويض خسائرهم الكبيرة، في اللحظة الراهنة إلى ما هو أهم من مجرد السيطرة على الأرض، وإذا كانت المناطق الغنية بالموارد الحيوية لها أهمية اقتصادية بالنسبة لجماعة تخوض حربا لفرض سيطرتها، فإن المناطق ذات الكثافة السكانية تبدو أكثر أهمية بالنسبة لجماعة تخوض حربا عقائدية طويلة الأمد، وهنا تكمن خطورة استمرار السيطرة الحوثية على أغلب الخارطة الديموغرافية في اليمن.
يتعامل الحوثيون مع الحرب، من منطلق عقائدي تنصهر فيه الأحقاد والثارات والفوقية والمظلومية، بما يكفي لإبقاء جذوة الفكرة الحوثية متقدة، قادرة على الاستمرارية حتى تحرق نارها أرجاء اليمن، والدماء المهدورة وحدها لا تكفي لإبقاء هذا الاشتعال، إذ لابد من صناعة جيل جديد على أعين الفكرة الحوثية، يواصل هدر دمه حتى يتحقق الهدف.
الجيل الحوثي القادم، سيكون أكثر عقائدية من الجيل الهجين الذي يستند عليه الحوثيون اليوم في حربهم على اليمنيين، وحينئذ سيتضح البعد العقائدي في المعركة أكثر، لتفرض معه العقيدة الحوثية الباطلة على اليمنيين قسرا، ولن يكون بمقدورهم الاختيار الذي يستطيعه البعض في وقتنا الحاضر.
الجيل الحوثي القادم، سينشأ مبتوت الصلة بالثقافة والمفاهيم الإسلامية الصحيحة والتاريخ الإسلامي المشرق، إذ إن هذا الجيل لن يتربى إلا على ملازم المقبور حسين بدر الدين الحوثي وما فيها من الانحرافات الكبيرة، كإنكار السنة والإساءة إلى الصحابة والتأكيد على مبدأ الولاية، واختزال التاريخ الإسلامي في شخصيات معينة.
كان حسين الحوثي، يغتاظ كثيرا مما يصفه تهميش المناهج الدراسية لآل البيت، ويطالب بضرورة تعديل هذه المناهج لتناسب مقاس فكرته، وكان ويغتاظ كثيرا عندما يسمع التأمين على قراءة الفاتحة في المناطق التي يعيش فيها، ويعتبره عدم احترام من الآخرين، بل إنه لا يستبعد أن يقوم الصحابة بتزوير القرآن، ومن يقرأ ملازمه سيجد كثيرا من هذه الانحرافات والشذوذ التي أضحت منهجا يفرض على الطلبة في مناطق الحوثيين.
استفاد الحوثيون ومازالوا من استمرار الحرب، وسخّروا جهودهم لبناء جيل جديد يعتنق عقيدتهم ويتشرب فكرتهم، وهم بذلك يحققون هدفا مرحليا هو تعويض الخسائر البشرية وضمان توفر الوقود اللازم لحربهم، وهدفا استراتيجيا هو تغيير الخارطة الديموغرافية لليمن مع ما يسبقه من تحول جذري في العقيدة الدينية للمواطنين.
اقراء أيضاً
سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
الجريمة في ظل اللادولة
موسم الهجرة القسرية