المعارك الجارية بين الجيش والقبائل من جهة وميليشيا الحوثي من جهة أخرى، في مأرب والجوف والبيضاء، تمثل مرحلة مهمة من الصراع المصيري مع المشروع الحوثي المولود من رحم المشروع الإيراني، وهي مرحلة تثبت بالضرورة عدم جدوى الحل السياسي مع الحوثيين.
يعتقد الحوثيون، أن بإمكانهم التحكم بتوقيت المعركة ومجرياتها، بالنظر إلى ما يتمتعون به من دلال دولي، ودعم إيراني سخي، في مقابل الحصار والتضييق على الجيش من قبل من يفترض أنهم حلفائه، وتحكمهم بالقرارين السياسي والعسكري، ومهاجمة الحوثيين لمأرب ينبع من هذا الاعتقاد، ليكتشفوا فيما بعد أن اللقمة التي ظنوها سهلة الابتلاع، أضحت شوكة في حلوقهم!
استفاد الحوثيون كثيرا من خدمات العميل البريطاني مارتن غريفيث، ودور الإمارات، في تجاوز تحديات كبيرة. كان الحل السياسي، قشة يتمسك بها الحوثيون كلما أوشكوا على الغرق، وبفضل خدمات غريفيث والإمارات، ذهب الذين كانوا على وشك خسارة الحديدة ومينائها الاستراتيجي، إلى مهاجمة منطقة غنية بالنفط كمأرب.
ليس النفط وحده ما يبحث عنه الحوثيون في مأرب، وليس الحوثيون وحدهم من يبحث عنه؛ هناك أهداف سياسية ومصالح مشتركة بين الحوثي والإمارات وقوى غربية تلتقي عند نقطة مهمة، هذه النقطة هي إسقاط مأرب بما تمثله من ثقل عسكري للجيش اليمني وثقل اقتصادي وسياسي للحكومة، بما يمهد لرسم خارطة جديدة، البقاء فيها للأقوى ولو كان انقلابيا.
من يثبت نفسه في ميدان المعركة، سيربح في النهاية، بمعزل عما إذا جاءت به الإرادة الدولية أو صناديق الاقتراع أو فوهة الدبابات. ذلك فقط ما يؤمن به ما يسمى المجتمع الدولي، ولذا فمن المحال أن يكون المسار السياسي الذي ولد ميتا، هو الطريق لاستعادة مؤسسات الدولة، وإعادة الحوثيين إلى حظائرهم.
معارك الجيش مع ميليشيا الحوثي، تشكّل اليوم فرصة مهمة لإثبات نجاعة الموقف العسكري في التعامل مع عصابة لطالما استخدمت المسار السياسي في خدمة مصالحها خلال السنوات الأخيرة، وهي فرصة مهمة للمسؤولين، لإيقاظ ضمائرهم إن كانوا يملكون ضمائر، وتحمل مسؤوليتهم كرجال دولة، ولو لمرة واحدة فقط.
اقراء أيضاً
سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
الجريمة في ظل اللادولة
موسم الهجرة القسرية