ستظل حادثة الأمس، التي تسبب بها أحد الآباء بمغامرته عبور مجرى السيل، من تلك الحوادث التي تنشب في قلوبنا جرحا حزينا، وفي ذاكرتنا عبرة للأيام..
ذهبت عائلة كاملة ضحية التهور والمغامرة، وتقاذف السيل أرواح أطفال أبرياء كانوا أمانة في عنق راعيهم!..
في مدينة إب، ومنذ صغرنا، في كل موسم للأمطار، تنتزع مجاري السيول كل عام أرواح بريئة.. كل عام يأخذ السيل نصيبه من أضحيات الإهمال والمباغتة.. وكل عام نقع في ذات المحاذير دون تفكير بحلول تحفظ الأرواح والممتلكات!..
لم يضع النظام السابق لهذه المأساة حلولا، وقد كان يعد نظام مؤسسات ودولة، فكيف سنطالب اللّا دول، التي تحكم بالإهمال، أن تضع حلولا لكوارث السيول، وفي عهدها صار الموت شعارا لليمنيين.. يتساقطون بأسباب أقلها فاجعة سيل جارف؟!
لا نقول إن نصيب مدينة إب يفوق الجميع في جرائم الموت المتنوعة؛ ولكن لها شهرة السلام والخضوع التي تنافي وضعها المأساوي..!! فلا يكاد يمر يوم دون سقوط قتلى، حتى لو كان السبب إقامة أعراس فيها!!..
وما موسم المطر إلا سببا يمكن تلافيه ببعض الإهتمام بمجاري السيول، وصنع حواجز أمان فيها وجسور عبور..
إن أكثر ما يخيف في مستقبل أيامنا، أن يأتي علينا وقت لا نتفاعل فيه مع أحداث صادمة كهذه لكثرة حدوثها في وطننا المنكوب!..
أحداثٌ تنافس بعضها هولاً وحزناً، تصيب ردود فعلنا بالتبلد، وتتحجر دموعنا تدريجيا، حتى يصبح ما نلاقيه واقعا معاشا لن يثير فينا سوى أسف التعود!..
هذا التعود، على ما يحدث من كوارث، لن يجعلنا نطالب بانتشال إب من وهدة الإهمال، ليستمر مصادرة مليارات من عوائد المدينة إلى جيوب سلطة صنعاء، ونافذيها، ومشرفيها!..
هذه الشوارع ومجاري السيل، يجب أن يتم إصلاحها من أموال المحافظة، فهي لن تظل البقرة الحلوب أبدَ الدهر، صامتة عما يجري لها..!
ينبغي أن لا تمر هذه الحادثة دون تحقيق أي تحسن في أمر مجاري السيول، وتحسين شوارع المدينة المدمرة..
ينبغي أن لا يسكت أبناء هذه المدينة، وكأنهم راضين بكل النوازل عليهم. ولنعلم أن إب أخذها سيل الفساد والإهمال والإجرام، منذ وطأتها أقدام النافذين ولصوص الحقوق!!..
إب لن ينتشلها سوى أبنائها، أو يقفوا متفرجين حتى آخر غرق لها..!!
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية