مطلع هذا الأسبوع، نجحت الحملة الأمنية، في إنهاء التمرد العسكري بتعز، الذي صُهِرت فيه الأجندة الإماراتية والخطاب الحزبي الناصري، على أن هذا النجاح رغم أهميته، يظهر الحالة الهشة التي أصبحت عليها القضية الرئيسة، قضية إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة.
ما حدث في تعز، كان نتيجة حتمية لحالة تفكيك القضية الرئيسة في مقابل صناعة الفوضى، فبدلا من تفرّغ الجيش لمواجهة الحوثيين، عمدت الإمارات إلى إشغال الجيش بتمرد عسكري كان لابد من القضاء عليه، حتى لا تتحول الثكنات العسكرية إلى كانتونات سياسية تدار بواسطة الخارج، ومعها تدفن القضية الأولى؛ قضية إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة مؤسسات الدولة.
لو نظرنا إلى ما يجري في عدن وأبين وسقطرى والمهرة، وهي مناطق محررة من الانقلاب الحوثي، وبعضها لم يدخلها الحوثيون أبدا، نجد أن ماي جري في هذه المناطق، لهو أظهر مثال، على حالة تفكيك القضية الرئيسية، وتفريعها أو استبدالها بقضايا أخرى، فضلا عن استنزاف الجهود في مصارف لا يستفيد منها سوى الحوثيون والحلف الإماراتي السعودي.
عندما تحررت مناطق عدن ولحج وأبين، كان لابد للطاقة العسكرية أن تواصل زحفها باتجاه مناطق سيطرة الحوثيين، لكن الإمارات والسعودية ودول أخرى، لا تريد ذلك. وكان لابد لهذه الطاقة المتقدة أن تصرّف في خلق الفوضى والصراعات، فكانت الحصيلة انقلابات متعددة رافقها سقوط مدن ومعسكرات، وأضحت القضية الملحة هي تحرير هذه المدن من الاحتلال الإماراتي السعودي بدل الزحف باتجاه مناطق الحوثيين.
ورغم أن الحلف الإماراتي السعودي، نجح في تمييع القضية الرئيسة وإشغال الجيش بقضايا أخرى في معظم المناطق المحررة، إلا إنه فشل في خلق هذا الواقع في محافظة مأرب، التي يخوض أبناؤها معركة وجودية تكبد فيها الحوثيون خسائر كبيرة. ولو كان قدر الإمارات أن تنجح في مأرب، لكانت جهود الجيش مشتتة بين قضية رئيسة، ومشكلات فرعية.
لقد نجح الحلف الاماراتي السعودي، في مصادرة القرار العسكري، وهذا ما سهّل عليه زراعة المشكلات وخلق التمردات بكل أريحية، ومالم يأخذ الجيش زمام المبادرة، سيكون عليه التعامل مستقبلا مع مشاكل وتمردات كثيرة بطريقة يغلب عليها التنازل ويغيب عنها الحسم.
اقراء أيضاً
سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
الجريمة في ظل اللادولة
موسم الهجرة القسرية