لا نملك خيارات مفتوحة –كيمنيين- ونحن نواجه جائحة كورونا، إننا أمام خيارين لا ثالث، وكلاهما لا نتيجة لهما سوى الموت، أقول هذا وكلي أسف، في بلد يجر الخيبات والويلات؛ نتيجة سياسات الأطراف المسيطرة التي لا يعني لها الإنسان اليمني شيء، سوى إنه قيمة صفرية، تبيع وتشتري على حسابه.
يعيش اليمني على احتياج يومي، لا يتجاوزه، وفق قدرته المعيشية، لا مخزون، ولا دولة توفر له احتياجاته التموينية الضرورية، لذا فبقاؤه في المنزل يعني الموت؛ حتى مياه الشرب يشتريها بشكل يومي، فيضطر دون شك للخروج من أجل الحصول على أساسيات عيشه اليومي، وهذا يعرضه لخطر الإصابة بكورونا، وعلى هذا فهو بين خيارين مرّين، لا يدري كيف ينجو من الإصابة بالفيروس، ولا من تبعات لزومه المنزل، إذا ما أراد البقاء للاحتراز والوقاية.
كل هذا الخطر المحدق، والحكومة المعترف بها دوليًا مكتوفة الأيدي، بفعل انقلاب العصابة الحوثية في صنعاء، التي تتعامل مع الموقف بعقلية مليشاوية أمنية، دون أي اعتبارات إنسانية، ولعل الإجراءات التي تتخذها في نطاق سيطرتها يظهر ذلك، ويبرز صورة أخرى من صور المواجهة الشعبية مع كورونا، لأولئك الذين لا حول لهم ولا قدرة، سواء من حيث الوقاية أو من حيث المواجهة.
في الجنوب، بذات العقلية التي ينتهجها هوشليو صنعاء، ظهر انفصاليو الجنوب، بمنهجية المواجهة مع الشعب، والوقوف في وجه أي جهد مؤسسي حكومي، لأسباب تعود بالنسبة لهم لمطالب سياسية وحسب، ومسيطري صنعاء لا يعنيهم تبعات خطواتهم وانعكاساتها السلبية على الخدمات المقدمة للناس هناك، ولا ما سيُبنى عليه، ولعل الأرقام والإحصائيات الصادمة من عدن تظهر حجم المأساة، ويؤكد كم أننا وحدنا في مواجهة غير عادلة مع كورونا.
في الواقع، يتحمل التحالف العربي المسؤولية الأخلاقية تجاه الوضع في اليمن، فالكيان العسكري الذي تشكّل لإنقاذ اليمن من الانقلاب الحوثي واستعادة المؤسسات الحكومية، وتحوّل بقدرة قادر إلى أداة إغاثية يرقّع نتائج تدخله العسكري المعقّد، الذي ترتب عليه بالشراكة مع نزوة الحوثيين أزمات إنسانية مختلفة في كل المحافظات، سواء على المستوى المعيشي أو الصحي، وهو ما يجعل مسؤولية المعالجة تقع على عاتق التحالف العربي، إذ عليه التدخل البنّاء، والمعالجة الفورية للوضع المتفاقم، فاليمنيون يكفيهم ما قاسوه طوال سنوات الحرب، وقد وصل بهم الحال ليشعروا أنهم وحدهم في معركة المواجهة مع فيروس كورونا.
يكفي شعور اللا دولة، وحالة التيه التي صنعتها الحرب، وكل ما ترتب على ذلك من قبل الأطراف التي تتقاضى مقابلًا باهظًا نظير ما ترتكبه فينا، فصنّاع الأزمات يجنون أرباحًا طائلة كي تبقى اليمن ساحة مفتوحة لتصفية حسابات بينية لدول إقليمية، ولكيانات داخلية علقت في أتون تراكمات وحسابات لا علاقة لها بالحالة الجمعية اليمنية، فقط للعمل وفق محاور أنانية بعيدًا عما قد ينعكس عن ذلك على حياة الناس ومعيشتهم.
يتوغل كورونا في الخارطة اليمنية، حتى إن محطة سكاي نيوز البريطانية قالت في تقرير لها أنه يهدد خارطة اليمن على الكرة الأرضية، وتقارير المنظمات المعنية تشير إلى انتشار كاسح وغير معلن، وهذا يحتاج منا إلى تظافر الجهود بشكل يعكس أصالة اليمنيين بعيدًا عن الواقع الذي فرضته الحرب.. علينا أن نكون على مستوى من الوقاية، قدر الإمكان، حتى لا نقع فريسة سهلة لكورونا، على الأقل نواجهه ليشعر أنه في بيئة صعبة، ولا نكون لقمة سائغة؛ بفعل سياسات أطراف الحرب، الذين اتجهوا لتحويل الموقف من أجل تحقيق مكاسب سياسية، تحت أي مسمى، وتركوا اليمنيين وحدهم في مواجهة كورونا.. اللهم لا اعتراض!
اقراء أيضاً
تهامة.. خارج الحسبة الحكومية
حكومة بلا أجنحة
مبعوث السلام المستحيل