قبل أيام أرسل لي شخص رسالة شعرت أن حروفها تقطر دموعا ووجعا !!..
قال لي: نحن ندفع ثمن نكوص قادة الجيش.. هذ أخي قتل وهو يدافع بكل بسالة عن موقعه.. هرب قادة الكتيبة قبل الهجوم بنصف ساعة، وبقي هو وأربعة أفراد فقط قاتلوا حتى قضوا الأربعة..!! وأرفق مع الرسالة صورة لشاب غطت الدماء جسده ويداه تتشبث بالتراب.
سواء كانت هناك خيانات من قادة الكتائب، أو ضعف وعجز عن تولي القيادة، فقد كثرت الشكوى ضد تاجر العسل الذي يسقي أفراد كتائبه الموت!.
إلا أن هؤلاء الأفراد الأبطال قد استماتوا في قتالهم حتى الموت. وقد ذهبوا باختيارهم إلى الجبهات، وهم يعلمون أن الموت هناك وليس شيئا آخر!!.
يستمدون من حب الجمهورية، وكراهية الإمامة، هذا الاصرار والشجاعة على مقارعة الموت رغم كل الظروف.
أنت تكون فردا مجندا في الجيش، وفي الخطوط الأمامية للقتال؛ ليس مغنما، أو أمرا مبهجا أبدا..
أن تتسلم راتبك بعد شهور انقطاع طويلة، وتذهب لشراء بدلة عسكرية مع بيادة، لتعود إلى جبهتك فرحا بزي القتال، فهذا أمر لا يحدث دائما..
يقضي العشرات من الجنود في الدفاع عن مواقعهم، ولو صدر إليهم أمرا بالهجوم والتقدم، فلن يتراجعوا أبدا عن تقديم أرواحهم..
في كل جبهة ينفرد هؤلاء الأبطال في القتال وحدهم، دون مساندة أو إمداد من باقي الجبهات، ويستبسلون حتى آخر فرد. ثم يأتي عربيد، من أحد أرصفة الدول، ليتحدث عن تسليم مواقع للحوثيين بمباركة "طرف ما"..!!.
هذه المواقع التي سقاها الشباب بدمائهم! إنهم هؤلاء الشباب الذين تقولون أنتم أنهم "إصلاحيون"، وأن قوام الجيش الوطني "إصلاحيون"..
تتناقل أبواق القوى "الفتية الصاعدة"، ذات الاسطوانة المسبوقة لعودة الدولة لحضن سادتهم؛ يستبشرون لقرب سقوط مأرب كيوم احتفال لوضعاتهم؛ مأرب التي آوتهم، عادوا ليطعنوها بحقدهم..!!
حتى لو سقطت آخر مدن الحرية، "مأرب"، لن تسقط الجمهورية من قلوب أبنائها الصادقين منذ البداية.
وحين نكرر أن "مأرب"، هي آخر معاقل الجمهورية، فهي كذلك.. لكنها ليست الجمهورية.. فالجمهورية مبدأ، ودين اعتنقته أرواح الأحرار التي ستحارب حتى يعود الوطن كاملا.
"مأرب"، قلب اليمن منذ القدم، برجالها، ورمالها، وسدها المنيع في وجه الإمامة.. نثق بصمودها، ومنها ستعود أمجاد اليمنيين لا محالة.
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية