تغمرني السعادة وأنا أشاهد الحراك التوعوي النوعي للشباب اليمني المسؤول، وهو يحاول بما يمكنه أن يضع حاجزًا بين الفيروس واليمنيين، ضمن حملات توعوية وقائية، حتمًا ستكون آثارها مبهرة على كافة المستويات، بشكل أو بآخر، لن تخيب الجهود، ولن تذهب سدى؛ فبقدر الجهد المبذول تكون النتيجة، وبمستوى ما نقدّمه نضع توقعاتنا.
وحتى الآن بلادنا بعيدة عن كورونا، بحسب منظمة الصحة العالمية، التي عقد مكتبها في اليمن ورشتين إلكترونيتين مخصصتين للصحافة والإعلام بشكل مباشر لتطمين خلال الأيام الماضية، من جانب تطميني ومن جانب آخر لحث الناس على رفع مستوى الجاهزية وعيًا ووقايةً، وهذا جهد يستحق تقديره، ويحتاج أيضًا إلى مرجعية عملية وعلمية؛ للعمل تحت توجيهاتها؛ حتى لا تكون الأعمال التوعوية عشوائية وغير ملبية للأهداف التي وضعت لأجلها، وهذه مسؤولية مشتركة بين المنظمات الدولية المعنية والمؤسسات الحكومية المختصة.
هناك الكثير من الأمور التي يجب استيعابها شعبيًا، الناس بحاجة إلى توعية مبسطة للوضع لا معقدة، ولا صانعة للخوف، وهذا ما سيجعل الأمر مقبولًا إلى حد كبير.. من المهم أن يكون الخوف الحاصل دافعًا لعدم الاستهانة بالفيروس، لا عاملًا مدمرًا، على المستوى النفسي، فالجهاز المناعي بحاجة لأن يبقى متماسكًا، ومتأهبًا لأي طارئ، وكورونا فيروس متملص، يتحين الفرص للانقضاض على مصابيه، ولولا المناعة الكافية لأتم مهمته في غضون ساعات، كما حصل لأسر في أمريكا وإيطاليا وإسبانيا، علينا استخدام هذه الأمثلة للتحفيز وعدم تكرار الأخطاء لا للتثبيط وإثارة الذعر.
لا بد أن يعرف الناس كل شيء، فالغالبية يستهترون بأي إجراء احترازي، ويتعاملون مع من يقوم بذلك بكثير من السخرية، وكأن الأمر لا يعنيهم، للأسف، هناك أطباء وممرضون ومن هم على علاقة مباشرة بالمجال الصحي يعيشون في هكذا دوامة، وكأنهم يملكون مصلًا مضادًا لقتل الفيروس قبل أن يصلهم، أو يعرفون تعويذة ما تجنّبهم مخاطره، وهذا بحاجة للفهم والاستيعاب المبني على قواعد وأسس توعوية، فإذا كان المعنيون لا يقومون بواجبهم ولا يقدمون أنفسهم كنماذج مجتمعية فهذه مأساة بحد ذاتها، ويمكن القول أنهم مصابون بفيروس اللامبالاة، ولهذا مخاطره الجسيمة التي لا يمكنهم إدراكها إلا في حال طوقهم الفيروس، وكأنهم ينتظرون ذلك!
رباطة الجأش التي تحلّى بها كثير من الشباب محل تقدير استثنائي، فقد أخذوا على عاتقهم تشكيل نواة لفرق توعوية تحدث فرقًا على مستوى التوعية وحشد المجتمع لإحداث وقاية ذات فاعلية، سواء في تعز أو عدن أو صنعاء، ولهذا آثاره الإيجابية ليس فقط على مستوى مواجهة كورونا ولكن حتى على المدى البعيد، مما يعزز من التماسك المجتمعي، ويقوي روابط المواجهة ضد المخاطر والأوبئة المحدقة.
حتمًا، اكتسب اليمنيون مناعة مختلفة عن بقية العالم؛ نظرًا للأوبئة التي واجهوها خلال السنوات الماضية، رغم انعدام أدنى متطلبات الدواء، وشحة الإمكانيات الصحية بشكلها العام، وانهيار القطاع الصحي بأكمله، إلا إنهم تجاوزوها بنجاح، وإن كانت هناك خسائر جمة، لكن ذلك لا يعني أن نستهين بكورونا، بل يزيدنا عزمًا وقوةً على هزيمته كما فعلنا بسابقيه، حتى وإن كان يطوّق العالم ويكاد يبتلع الكوكب فإننا قادرون على مواجهته بقدراتنا الوقائية من خلال التوعية والتثقيف الصحيح، وهذا ما نقدر عليه الآن في ظل ظروفنا التي نعيشها.
تجنّبوا الأماكن المزدحمة، خففوا نزولكم إلى الشوارع، لا داعي للأسواق إلا للضرورة القصوى، تجنبوا أسواق القات، حافظوا على جهازكم المناعي، وتمتعوا بالقوة والإرادة لردعه، ولا تجعلوا للخوف إليكم منفذًا، واحذروا واحترسوا ولا تستهينوا.
اقراء أيضاً
تهامة.. خارج الحسبة الحكومية
حكومة بلا أجنحة
مبعوث السلام المستحيل