كل النازحين الذين اكتظت بهم مأرب خلال سنوات الحرب؛ إلى أين سيذهبون إن لحقت مأرب بأخواتها؟! أولئك الذين تحملوا ضنك المعيشة، واستغلال الوضع من قبل بعض رؤوس المال ما مصيرهم؟!
عويل النساء والأطفال، عند اجتياح الحوثيين بجحافلهم وحرائقهم للمدن والقرى، لا يصل أبعد من قلوبنا نحن اليمنيون!! فكيف نتخيل سقوط آخر معاقل الأمان والحرية للجمهورية؟!
الناس الذين أمنوا على أموالهم واستثماراتهم دون ضرائب أو جباية، فقاموا بكل تلك النهضة العمرانية في مأرب؛ أين سيذهبون بكل ما بنوه؟!
سقوط مأرب لم يعد مستبعدا، ويجب أن نفكر في أبعاد سقوطها كما يراد لها..
فالنازحون من كل مناطق الصراع، ومن رفض العيش في ظل الكهنوت الحوثي، لم يكن أمامهم سوى محافظتي الجوف ومأرب يلتجؤون إليهما، وفي حال سقوط مأرب كيف سيكون الحال؟!.
إذا إخذها الحوثي، فالذين سيهربون قلة، ومن يبقى ستكتظ بهم المعتقلات وتطالهم المجازر الجماعية..!!
هل ستُفتح لهم حدود المملكة، كما هو العرف والقانون الدولي؛ أم سيتركون للموت في الصحراء أو بطش الحوثيين؟
ستفجر المنازل بالعشرات، وتسرق ثروات البلد من نفط وغاز، وستكون فاجعة لا توصف!!.
يجب أن يضع الجميع نصب أعينهم؛ أن مأرب هي السفينة الأخيرة للناجين، وينبغي الاستماتة في حمايتها؛ ليس في الدفاع فقط وإنما الهجوم.
ينبغي أن يعرف الأحرار أنهم ضحايا هذا الوضع الشاذ؛ أولئك الذين رفضوا الاستكانة للإمامة أو البقاء مكرهين تحت حكمها ينعمون بأمان العبودية والجهل والقناعة أن الحكم للسلالة فقط.
أما الذين يتقلبون في أفكارهم، فلا قلق عليهم؛ سيضعون أيديهم في يد الحوثي ويقبلونه سيدا لهم، فلا فرق بين سيد وآخر بالنسبة لهم!!؛ ولن يحدث لهم ما يتمنون من الشراكة، فالحوثي جُل خلافنا معه أنه لا يقبل أحدًا سوى نفسه؛ بل يرى نفسه سيد الجميع بأمر إلهي!!.
حماية مأرب هي مسؤولية اليمنيين أنفسهم وليس غيرهم؛ عليهم ألا يركنوا للتحالف، فقد عُرِفت حساباته الخاصة في هذه الحرب؛ كما أن عليهم ألا يعولوا على قيادة الشرعية، أو الأحزاب، فهي تعمل تحت ضغوط دولية وحسابات البقاء والمصلحة والارتزاق!!.
الدفاع عن الجمهورية هي مسؤولية الجمهوريين، وليس الملكيين والعبيد. كون المستهدف من كل هذه الحرب هو النظام الجمهوري وثروات اليمن المهدورة بلا صاحب!..
أما الرأي الذي يقول إن الإصلاح هو المستهدف؛ فذلك- على الأرجح- كون الإصلاح هو العائق عن تحقيق هذه الأهداف. وقياسا على هذا الرأي القائل بإن الإصلاح هو المستهدف من كل هذا، فلا بأس عليه أن يكمل سلسلة تضحياته ويقوم بحل نفسه من أجل ما تبقى من الدولة..
فالإصلاح إن حل نفسه، فسيبقى كفكرة ومبدأ في قلوب قواعده، ولعلها ستكون فرصة لتكوين حزب بدماء جديدة وأدبيات واضحة لا تحمل ميراث المغضوب عليهم من الإخوان. وليعلم الجميع أن الأحرار هم من يذودون عن وطنهم تحت أي مسمى.
ففي الأخير؛ الإصلاح حزب جمهوري، وليست الجمهورية قطاع إصلاحي..
وأما إذا كانت ثروات الوطن هي المستهدفة من تحالف الأشقاء، فسيظهر ذلك؛ وحينها: من لم يدافع عن حقه وأرضه فيستحق ما يحدث له.
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية