المعركة الأخيرة بين أبطال الجيش الوطني وميليشيا الحوثي في منطقة نهم شرقي صنعاء، كشفت معادن بعض الشواذ، وأعادت طرح الأسئلة المتكررة حول جدية الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها في توفير الدعم اللازم للجيش للتقدم صوب صنعاء.
في الربع الأخير من عام 2015، وصل الجيش الوطني إلى منطقة نهم التي تبعد عن صنعاء نحو 40 كيلو متر، وسرت حالة من النشوة في أذهان المواطنين، وهم يرقبون اللحظة التي يعلن فيها عن دخول الجيش إلى صنعاء.
كانت المعركة صعبة للغاية، ومازالت كذلك، فجغرافية الأرض وتضاريسها تشكل عائقا طبيعيا، فضلا عن العوائق المادية والعسكرية التي وضعها الحوثيون والتحالف لمنع أي تقدم للجيش في أخطر جبهة قتال قد تشكّل بداية نهاية المشروع الحوثي في اليمن.
منذ أربع سنوات، والألسن تلوك حكاية مكررة عن ركود جبهة نهم، ويجري اتهام الجيش الوطني بالمسؤولية عن هذا الركود، وبالغ البعض في ذلك وتحدث عن تنسيق بين الطرفين، وشر البلية ما يضحك!
هناك من كان يدرك أن المعركة أضحت محكومة بخطوط حمر يضعها التحالف في الوقت والمكان الذي يريد، ومعهم الحق في ذلك، إذ إن معركة الحديدة وضعت حدا لهذا اللغط والجدل العقيم، بتغريدة للوزير الإماراتي أنور قرقاش أوقف فيها معركة الحديدة منتصف العام2018، وهذا تماما ما حدث.
في آخر تصريح له قبل استقالته من إدارة التوجيه المعنوي، قال اللواء محسن خصروف إن التحالف هو من يتحكم بمسار المعركة، إضافة للولايات المتحدة ودول أوروبية، وأن التحالف يمنع الجيش من امتلاك الأسلحة النوعية كالصواريخ، أو الطائرات الحربية، ولعل هذا يمكن تفسيره في أن التحالف يريد أن يبقي الجيش رهينة الاحتياج الدائم لغاراته الجوية وأسلحته النوعية بما يضبط إيقاع المعركة وموازين القوى.
في المعركة الجارية في نهم، لن يسمح التحالف للجيش أن يواصل تقدمه باتجاه صنعاء، إلا إذا كسر الجيش الخطوط الحمر وقرر السير عكس رغبة التحالف ومن خلفه الولايات المتحدة، وهذا مستبعد في ظل مصادرة التحالف للقرارين العسكري والسياسي للحكومة الشرعية.
التحالف الذي أوقف معركة الحديدة، لا يمكن أن يسمح بفتح معركة صنعاء التي تفوقها في الأهمية، على أن اليمنيين يعولون على أبطال الجيش في أخذ زمام المبادرة وقطع رأس الأفعى، بعد أن أصبح التحالف متآمرا لا حليفا يوثق به.
وإذا قلنا إن معركة نهم هي السبيل لقطع رأس الأفعى، فهذا هذا تعبير حقيقي أكثر من كونه مجازي، لأن أي تقدم نحو العاصمة صنعاء، يعني تهديد وجودي للمشروع الحوثي الذي فرض نفسه بإسقاط صنعاء ولن ينكسر إلا باستعادتها، وإخراج الحوثيين منها، وهذا ما لا يريده التحالف ومن خلفه دول كبرى.
اقراء أيضاً
سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
الجريمة في ظل اللادولة
موسم الهجرة القسرية