عندما نقرأ خبرا يقول إن شخصا تقدم بدعوى قضائية ضد جهة طبية تسببت له بضرر ما؛ أو دعوى أخرى ضد أشخاص أهملوا العناية بروح إنسان، أثق أننا كيمنيين ما زال أمامنا سنوات سوداوية وليست ضوئية كي نصل إلى هذه المرحلة.
فبسبب تردي الأوضاع الصحية في اليمن، أصبح الكثير يجد أن البقاء في منزله هو أيسر الطرق موتا، عوضا عن تعرضه للتعذيب والابتزاز المالي والإمعان في الاهانة والاستهتار.
يعامل المريض في مستشفياتنا كحافظة نقود، وعند انتشار الأوبئة يعامل المرضى كجثث تنتظر تصريح الدفن فقط وليس الشفاء..!!
فالعناية الصحية، التي هي من أصول حقوق الإنسان والمواطنة، تحولت إلى ترف غير مستحق في زمن ميليشيا الإمامة. وكأن الأمراض والأوبئة الفتاكة هي مرادف للإمامة وعلامة لحكمها..!!
عودة الأمراض، التي أعلن سابقا انتهائها في اليمن، مادة للضحك المبكي، وهي تحصد الأرواح جنبا إلى جنب برفقة السلاح..
حين تتفشى الأوبئة، في غياب دولة مسؤولة، فهي حرب أخرى ضد هذا المواطن، يكون الموت فيها هو المنتصر الوحيد.
بلا أدوية أو لقاحات أو وقاية أو غذاء، سيكون الضحايا بالمئات والألاف. وهذا ما فعلته الكوليرا بمناطق واسعة في اليمن.
وما تفعله حمى الضنك، حاليا، بتوسع انتشارها في محافظات اليمن في غياب الاهتمام من قبل دولتين وحكومتين، تركتا الجانب الصحي لسماسرة المنظمات فقط.
لم تعد شكوانا تقتصر على جرائم الطب الحاصلة ضد الناس؛ من أخطاء الاهمال، والاستغلال والجشع الذي يؤدي بحياة الكثيرين، ولا عاد شجبنا بسبب المراكز الطبية الأقرب لبؤر الأمراض المعدية لشدة قذارتها والاهمال الحاصل فيها..
ولم يعد بسبب غلاء الأدوية واختفائها وبيعها في السوق السوداء بلا احترازات صحية..، صرنا نبحث عن أدنى مستويات العناية الصحية؛ من توفير اللقاحات والأدوية حال انتشار الأوبئة.
الطبقة المسحوقة من هذا الشعب، تأكل من القمامة مع الحيوانات الضالة!! كيف لا تغزوه الأوبئة الفتاكة؟!
المياه، مشكلة تتفاقم مع نضوب الآبار والجفاف في بعض المناطق، وتلوث المياه الصالحة للشرب..، تكدس القمامة في المدن الكبرى، التي تعد واجهة لليمن، كظاهرة تدل على تردي الاهتمام بالصحة العامة..!!
أكثر من 70 في المائة من المواطنين تحت خط الفقر، لا يملكون الغذاء الذي يقيم أودهم..!!
كل هذه الأسباب، وغيرها الكثير، تفتك بعافية الناس، روحا وجسدا، دون أن يكون هناك إلتفاتة من الجهات المعنية بالدولتين اللتين تتنازعان السلطة وتنسيان الشعب..!!
لم يعد أمام هذا الشعب، سوى الاعتناء بنفسه، وتوحيد الجهود الشعبية لمكافحة هذه الأوبئة، التي تغزوه وتفتك بضعفائه، وألا يعول على المسؤولين في هذا الجانب، أو سواه. فالشعب في نظرهم إن لم يمت بالمرض مات في الحرب..!!
ومن مات بالوباء يُدفن، ومن عاش يُدفع إلى الجبهات..
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية