بين انقلاب صنعاء في سبتمبر2014 وانقلاب عدن في أغسطس 2019، تظهر جملة من المشتركات بينهما، أبرزها تعطيل مؤسسات الدولة وتعميق حالة الانقسام المجتمعي والجغرافي.
في وقت سابق، قال الجنرال المتقاعد في الاستخبارات السعودية أنور عشقي، أن الإمارات مولت الحوثيين في انقلابهم، من أجل القضاء على فئة معينة، ويقصد بذلك حزب الإصلاح، وهي ذات الشمّاعة التي علق عليها الانتقالي انقلابه الأخير في عدن وبتمويل وتسليح اماراتي وتواطؤ سعودي، مع فارق ضئيل يتمثل في أن الدور الإماراتي السعودي في انقلاب الحوثي كان متخفيا لا تلحظه أعين البعض، بينما بدا هذا الدور واضحا للعيان في انقلاب المجلس الانتقالي.
أما إيران فعلاقتها بالحوثيين والمجلس الانتقالي، فتتجاوز مسألة الانقلاب، إلى علاقة تاريخية ترتبط بمصالحها بدرجة رئيسية ومشروعها الطائفي العابر للحدود، وإيران التي سلحت ومولت الحوثيين في حروبهم الست ضد الدولة، هي إيران التي مولت ودربت مقاتلين في المجلس الانتقالي في ضاحية بيروت الجنوبية، فقط مع الإشارة إلى أن المجلس الانتقالي كان ينضوي ضمن الحراك الجنوبي الموالي لإيران في ذلك الوقت.
من حيث الممارسات والجرائم بحق المواطنين، فنجد تشابه كبير في جرائم الحوثيين وجرائم المجلس الانتقالي، مع اختلاف ما في الدوافع؛ فالحوثي يمارس جرائمه في الغالب انطلاقا من منظور طائفي وسلالي، أما الانتقالي فيمارس أغلب جرائمه انطلاقا من منظور مناطقي وسياسي، أما النتيجة فتتشابه إلى حد كبير، وتحضر مشاهد القتل والترويع والتهجير والترحيل والسرقة والنهب والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة والاستحواذ على مؤسسات الدولة.
كان مشهدا مخجلا ذلك الذي أعقب سقوط صنعاء بيد العصابة الحوثية، عندما وقّعت السلطة والمكونات السياسية اتفاق السلم والشراكة بينما يجري الدم ساخنا في عروق اليمنيين ألما وحرقة لحال صنعاء، ومن بعدها بقية المحافظات التي تساقطت كحبات المسبحة على وقع حوار هزلي في موفمبيك، الفندق الذي تحت سقفه حاول الحوثيون شرعنة انقلابهم على الدولة ومؤسساتها.
وإذا كان انقلاب صنعاء اختتم بمسرحية الحوار والتوقيع، فانقلاب عدن أيضا كاد أن يختتم بمسرحية حوار جدة لولا أن الحكومة رفضت هذا الحوار قبل انسحاب الانتقالي من المواقع التي سيطر عليها، وهذا درس استفادته السلطة من الانقلاب الأول عندما وقع الحوثي على الانسحاب ولم يفعل، وكان الأولى بالسلطة الشرعية أن تستفيد من درس تسليم صنعاء دون مقاومة فلا تطبقه في عدن!
في كل انقلاب يحدث، لابد وأن فئة من الناس تقف مؤيدة لذلك ولها مبرراتها في اتخاذ هذا الموقف بصرف النظر عن صحة هذه المبررات أو زيفها، لكن موقف جماعة نظام صالح يقدم لنا درسا مهما في الخسة والدناءة، عندما يزايدون علينا بوطنيتهم "المخزوقة" في محاربة الحوثيين لسنوات، والتصدي للانفصال في حرب 94، ثم سيكون من نصيبنا أن نضحك عندما نجد أن موقف جماعة صالح كان مؤيدا ومشاركا في انقلاب الحوثيين في صنعاء، ومؤيدا لانقلاب الانتقالي في عدن!
انقلاب الانتقالي لا يقل خطرا عن انقلاب الحوثي، فهو يكمّله في القضاء على عمل مؤسسات الدولة التي عادت للعمل من العاصمة المؤقتة عدن وإن بصورة ضعيفة، كما أنه يعزز من قوة الحوثيين وحضورهم محليا وخارجيا، في مقابل إضعاف الشرعية والقضاء عليها، تمهيدا لحل سياسي يستند إلى معطيات الميدان ومن يسيطر عليه.
اقراء أيضاً
سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
الجريمة في ظل اللادولة
موسم الهجرة القسرية