تخيلوا معي: لو أننا لسنا جميعا من أم وأب واحد، هما حواء وآدم ..!!
تخيلوا؛ أن الله حين خلق آدم وحواء كان قد خلقهما لزيادة الإنتاج البشري، وأنهما حين هبطا إلى الأرض من الجنة، أو من كوكب آخر، كان قد سبقهما وجود زوجين أثنين، هما شلعة وشعنون، سكنا الأرض ووجدا فيها قبل آدم وحواء!!
وحدث تعارف بينهم وتزاوج وتكاثر وانتشار في الأرض، ووصلنا إلى يومنا هذا؛ حيث ازدهرت العنصرية والمناطقية، وسمو الأجناس وحكايات السكان الأصليين والتقليد التايوان!!
هل تعلمون أن الأمر لن يكون سيئا أبدا كما هو الآن ..؟! سيكون هناك منطقية وصوابية لوجود العنصرية، والأفضلية، ومظلمة السكان الأصليين، ومن قدموا من فوق ليشاركوهم أرضهم ..
المشكلة الوحيدة، التي سنواجهها في حروبنا العادلة بين أبناء شعنون وآدم، هي كيف نفصل بينهم في عرقين نقيين بعد أن اختلطت الأنساب والدماء بالزواج ومرور القرون!!
فقد حدث تزاوج وتلاقح على مدار هذه القرون، وصار من الصعب معرفة سلالة آدم الفوقية وسلالة شعنون الأرضية ..!!
لكن حين نأتي إلى حكايات ودعاوى السخف الحاصلة الآن، عن أفضلية عرق دون آخر، وتبرأ جنس من آخر، وتصنيف البشر الحاصل، فهي دعاوى مضحكة ونحن نعود لذات الأم والأب !!
في كل زاوية من الأرض ترتفع دعوى عن فضل سلالة أو عرق عن آخر؛ عن علو نسب عن آخر؛ عن رفعة جماعة عن أخرى ..
لا شك أن هناك مناطق بنى أهلها حضارة عظيمة مكنتهم من تهذيب علاقاتهم ومعاملاتهم، وهناك أخرى عاشت الفوضى والبداوة والصراعات.. ومؤكد أن هناك أماكن في الأرض أثرت في أشكال قاطنيها على مر الزمن ..
المكان له ذلك الدور العظيم في بناء الحضارات وصقل الوجوه والأشكال؛ المكان مؤثر كبير حتى في طريقة التفكير .لكننا في نهاية المطاف من ذلك الأصل الواحد لذات الأم والأب .
إن نزعة "أنا أفضل منه" لم تأتي من أبليس، كما هو الدارج، فإبليس من جنس آخر له كامل الحق أن يرى أفضليته .
نزعة الأفضلية والعنصرية، وحتى نزعة التوحش، نمت فينا منذ صدام قابيل وهابيل على أمور الدنيا والحصول على مزايا أفضل .نزعة تعود أسبابها إلى الطمع بما في أيدي الناس فقط، واخترعت العقول الماكرة لها باب الفضل بأي عذر مسوغ !!
هي أسلوب للسرقة والسطو على حقوق الناس والتسلط عليهم، بأسباب مزيفة ومنمقة، ستبدو مقنعة كلما ارتبطت بمعتقدات البشر ..
حالة إجرامية قديمة حديثة، حاول الدين بكل مسمياته معالجتها؛ لأنها كما يبدو ستقضي على البشرية بالحروب والخراب .
توسعت وتنامت تحت مسميات كثيرة عملاقة، كمسمى العالم الأول، والعالم الثالث، إلى الجنس الأسود، والجنس الأبيض، إلى الدول الغنية والدول الفقيرة.. لتتفرع العنصرية أكثر وأكثر كمرض ينتشر عبر الهواء، ونصيبنا منها كان نصيب الأسد للأسف!!
فعنصرية "الهاشمية السياسية"، مدعومة بجهل الشعب ونصوص السنة النبوية !!
يبدو لي، من باب اليأس، أن لا علاج من هذه الحالة. فهي، على قناعة مني، جزء من تكوين البشر، وأي تراجع لها في مجتمع ما، يعود لغلبة الوعي فقط .لكنها موجودة، متجذرة في البشر، كنزعة التوحش، وإنما الفوز الحقيقي في صراع الإنسان مع نفسه للقضاء عليها .
الدليل أنها تزدهر متى وجدت مسرحا مناسبا لتسلطها على من تراهم أدنى في نظر معتنقيها .
فمشاهدها العادية صارت غير مستهجنة أبدا ..
نحن كل يوم نمارس العنصرية في حياتنا، حتى على مستوى الحب؛ هناك طرف أضعف يجب أن يبذل، وطرف أقوى يجب أن يأخذ ..
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية