في أول تصريح له عقب تعيينه لقوات التعبئة الإيرانية" الباسيج"، قال رضا سليماني، إن بلاده نجحت في نقل تجربة الباسيج إلى أربع دول عربية بينها اليمن.
والباسيج هي قوات شبه عسكرية تم تشكيلها من المدنيين الذين تطوعوا للإنخراط فيها، استجابة لدعوة قائد الثورة الإيرانية الخميني عام 1979. ونشأة هذه القوات تتشابه كثيرا مع نشأة الميليشيات الموالية لإيران في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، كما يرى سليماني.
ميليشيا الحوثي، التي تشكّل جزءا من تجربة الباسيج الإيرانية، اتجهت مؤخرا لإقرار قانون التجنيد الإلزامي لمن بلغ سن الثامنة عشر، وهي خطوة ليست جديدة، فقد سبق لها وأن جندت الآلاف عن طريق الإجبار، لكنها تحاول اليوم إضفاء صبغة قانونية، في سبيل حشد أكبر عدد من المقاتلين من جهة، وتعويض خسائرها البشرية الكبيرة من جهة أخرى.
أما بالنسبة للأطفال الذين لم يتجاوزوا بعد سن الرشد، فقد لجأت الميليشيا إلى تسجيلهم في مراكز صيفية، يتم خلالها غسل أدمغتهم بأفكار طائفية، وغرس المشروع الحوثي في أذهانهم كمشروع يضمن لهم التمكين في الدنيا والفوز بالآخرة، ونيل رضا الله في الدارين، فضلا عما تتضمنه هذه المراكز من دورات عسكرية تتناسب مع مرتاديها من الأطفال.
وفقا لإحصائية حديثة، فقد بلغ عدد المراكز الصيفية التي افتتحها الحوثيون مايقارب 90 مركزا صيفيا، أما الحقيقة المرّة فهي أنها تسعون معسكرا، والدارسون فيها سيكونون مقاتلين أشداء يقذف بهم عبد الملك إلى جبهات القتال في المستقبل القريب، لمواجهة الشعب وقتال الجيش الوطني، في مشهد يتشابه كثيرا مع هجمات الموجات البشرية التي اتبعها الباسيج الإيراني أثناء الحرب مع العراق، وهي هجمات انتحارية تعتمد على الدفع بعدد كبير من المقاتلين نحو أماكن العدو بطريقة اندفاعية بهدف الوصول إليها دون اعتبار للخسائر البشرية.
من يتابع العقلية العسكرية الحوثية، يرى بوضوح أن الميليشيا، تجري استعدادات لخوض معركة طويلة الأمد بشقيها العسكري والفكري، وإلا فما حاجتها لأطفال المدارس حتى تجبرهم على الالتحاق بمراكزها الصيفية، وما حاجتها للتجنيد الإلزامي لخريجي الثانوية إن لم يكن تحضيرا لمعركة طويلة تهدف من خلالها إلى فرض سلطتها بالقوة، وإعادة السيطرة على المناطق الخارجة عن سيطرتها.
والخيبة الكبرى، تتمثل في طريقة تعاطي السلطة الحاكمة مع الحشد الحوثي، وتحولها من سلطة قرار إلى منظمة حقوقية تدين وتناشد، وعندما أقول سلطة قرار، فهذا يعني أن بمقدورها تجاوز الضغوطات وإعطاء الضوء الأخضر للجيش لاقتحام الحديدة وصنعاء، فضلا عن إنشاء آلة إعلامية ضخمة موجهه إلى مناطق سيطرة الحوثيين، تتولى مهمة التوعية من خطورة المشروع الحوثي وكشف زيف المناهج التي يجري تدريسها في المراكز الصيفية، ولكن لاحياة لمن تنادي، فسلطة هادي منشغلة بإقصاء الأصوات المناهضة لممارسات التحالف العبثية، ولم نعد ندري هل هي سلطة للشعب أم على الشعب؟!
من المؤسف أيضا، أن هناك من لايتقبل فكرة توعية الأطفال وتلاميذ المدارس في المناطق المحررة، بخطر المشروع الحوثي تحت ذريعة تحييد الأطفال عن الصراع القائم، في وقت يساق فيه آلاف التلاميذ إلى مراكز التجنيد والتثقيف الحوثية لتفخيخ أدمغتهم، وإعادة برمجتها لتصبح قنابل موقوتة يمكن تفجيرها في لحظة.
هناك أيضا من يعوّل على المجتمع الدولي في الضغط على الحوثيين لوقف تجنيد الأطفال، ويتجاهل أن المجتمع الدولي لايرى في المشروع الحوثي خطرا عليه، فهو من منحهم الضوء الأخضر لهدم وتفجير المساجد ودور الحديث والقرآن، التي قال عنها البخيتي ذات يوم أنها" تخرّج إرهابيين". والمجتمع الدولي لديه مشكلة مع الإرهاب حينما يصل إلى عقر داره، والإرهاب الحوثي ليس كذلك، فهو موجه فقط ضد اليمنيين.
اقراء أيضاً
سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
الجريمة في ظل اللادولة
موسم الهجرة القسرية