أسوأ المحتلين من يسرق خيرات البلدان دون أن يقوم بتبييض سرقاته ببعض المعالم والذكريات الطيبة لإصلاحات وخدمات تجعل الناس تركن لإحتلاله الناعم المبطن بالخير .
عندما احتلت بريطانيا العظمى عدن، تركت خلفها ما يستحق دعوات السكان لها بالسعادة وتكرار المحاولة. رغم أن أي احتلال للأوطان والشعوب هو أمر بغيض، لا تقبله نفوس الأحرار مهما نهضت الدولة المستعمرة بمستعمراتها .
يظل الاحتلال هو الاحتلال، وسلب حق تقرير المصير ، ونهب الثروات، جرائم لا تغتفر، وتستحق المقاومة والثورة والقتال المستميت.
لكن ماذا عن الأمارات، التي اتخذت من عدن حديقة خلفية مهجورة، تنمو فيها الثعابين والجرذان؟
ماذا عن السجون الخاصة والمعتقلات، وثروات سقطرى، وتعطيل الميناء، وكل تلك التعسفات، بحجة الحماية والمساندة والتعمير !!
ماذا صنعت لعدن من خدمات وإصلاحات وإعادة إعمار ؟! كل المباني التي دمرتها الحرب كما هي؛ ومشاكل الخدمات زادت سوء ورداءة؛ بالإضافة إلى غلاء فاحش لا يصدق في عدن.
عندما أغرقت الأمطار، قبل أيام، مدينة عدن، وغرق الناس حتى صدورهم في السيول.. حمد الله كثير من الناشطين على نعمة الأمطار الغزيرة على المدينة، التي أصبحت حفرة ماء واسعة.
لم تكن صور هذا الفيضان هي الملفتة! فهذا ما يحدث في كل منخفض جوي يواكبه اعصار .
كان المروع في الأمر، كمية القمامة والقذارة التي طفت على مياه السيول.
شيء لا يصدق، ما يحدث لمدينة عدن، عروس البحر؛ المدينة السياحية الفاتنة، حين غرقت في الاهمال والقمامة والمخلفات البشرية.
الشعب اليمني شعب بسيط، رقيق الحال، يتشوق لأبسط مظاهر الحياة وراحتها، ومن السهل أسر قلوب الناس بتوفير احتياجاتها، وتحسين وضعها المعيشي.
بل أن الإحتلال الناعم، أقوى أثرا وصار سياسة متبعة. أما ممارسة العنف والصلف، وتحقير الشعوب واغراقها في المشاكل، فلن يثمر في النهاية الا بثورة كاسحة.
إن الغرض الأهم للوجود الإماراتي، هو تهميش عدن، وتحويلها إلى وكر للعنف والقبح ..
صرف الانظار عن قيمتها وإفساد جمالها وسمعتها؛ شغلها بأبسط متطلبات الحياة، لتنسى دورها كجوهرة اليمن والمنطقة بأسرها.
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية