في جريمة الاعتداء البشعة ومقتل الطفلة "آلاء الحميري"، التي هزت كل يمني داخل الوطن وخارجه، انتفضت مدينة إب برجالها ونسائها، وحتى أطفالها، وخرجت جماهير تطالب بالقصاص العاجل والعادل، في إصرار كبير وحشود مظاهرات حتى وصلت القضية إلى نهايتها في أسرع وقت.
رغم أنها ليست الجريمة الأولى في هذه المحافظة المنكوبة بالسلام الفاسد. فقد سبقتها جرائم اشد فظاعة كان ضحاياها أطفال لدونما أي سبب !! لكن هذه الجريمة بلغت ذروة الصدمة، ودقت ناقوس الرعب في قلوب الأهالي، ليس لأنها بحق طفلة، بل لأن هذه الطفلة تعرضت لأبشع اعتداء جنسي أفضى بها إلى الموت.
هذا النوع من الجرائم، تسارع سلطات الانقلاب إلى إنهائها سريعا، كما حدث لطفلة سابقة في صنعاء تم الاعتداء عليها، بالطريقة ذاتها، حتى الموت.
بالإضافة إلى أن القاتل ليس هاشمي أو حوثي، بل بائع "تين شوكي". وكونها جريمة شرف، وصلت إلى أقصى درجات التفاعل من الناس.
هذا، فيما ترزح مئات من جرائم القتل تحت تجاهل السلطة القضائية. بل يحدث أن تتم المماطلة في الأحكام، كما في حادثة مقتل الطفل عطران بإب.
عند الاطلاع على تفاصيل جريمة كهذه، يغرق الناس عادة في موجة من الصدمة والتعاطف والحزن، فيما يغرق آخرون في صدمة أشد من الدهشة والعجب ..!!
ما الذي يدعو شاب متزوج، سليم العقل، لديه طفلتان، لسلوك مثل هذا الفعل الشائن والإجرامي دون أسباب مرضية كاختلال العقل؟!
جريمة كهذه، لا يرتكبها إلا شخص مختل عقليا أو أخلاقيا بدرجة فاحشة !!.
ما الذي يجعل القاتل يرتكب جريمته هذه، مع سبق الإصرار والترصد، وتمثيل دور المحزون على ضحيته، كما فعل القاتل "يوسف الثوابي" وهو يشارك أهل الطفلة بالبحث عنها؟
هل الإغواء الشيطاني لفعل الجريمة، أم أن هناك جينات للإجرام تكون مركزة في شخصية القاتل؟ فقد سبق أن قام أخ للثوابي بجريمة قتل وتعزير بحق ضحية منذ سنوات.
نظرا لما يحدث حولنا من مظاهر التوحش والسادية، نتأكد فعلا أن صفة التوحش جزء خفي من شخصية الإنسان، تبرز في ظروف معينة ..
التوحش، أصبح ظاهرة مرافقة للانفلات الأمني وغياب القانون والعدالة. إضافة إلى مشجب الأوضاع السيئة، الذي صار يعلق عليه كل جرم أخلاقي أو إنساني !..
بالإضافة إلى الحرب وما تجره من ممارسات غير إنسانية، وما تنتهجه سلطة الانقلاب من ممارسات تنتهك حقوق اليمنيين..، كل هذا يعد توحشا يقود إلى توحش أقوى وأكبر.
فيكفي أن تعتاد عيوننا وحواسنا على مشاهد الإجرام، فيأتي يوم لا نستنكرها!! السكوت عن هذه المشاهد هي وحشية من نوع ما.
ينبغي ألا نسكت عن أي من الجرائم في مجتمعنا. يكفينا المعاناة من ويلات الحرب وغياب الأمان والقانون.
ينبغي أن يكون للشارع رأيه الضاغط على الأجهزة الأمنية، وأن تصعد كل قضية إلى أعلى مستوى كقضية آلاء تماما.
فهذا خير رادع لسلوك الجريمة. كما أنه خير رادع للأجهزة الأمنية والقضائية ضد أي تهاون أو مماطلة في تناولها لقضايا الناس.
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية