صارت أغلب شهور السنة مواسم للنكاية التي لا نحسن شيء مثلها في اليمن..
نتفنن في صنع أطنان من السخرية. ونفكر بتصدير نجاحنا الباهر في هذا الجانب مثلما نجحنا في استيراد نكايات اضافية من الدول المجاورة.
هذا باختصار حالنا؛ حروب نفسية، وسخرية، وتبادل اتهامات لا تنتهي، قد طغت على علاقاتنا ودمرت أواصرنا.
وكما يبدو أن الثاني من ديسمبر، سيكون شبيها بالحادي عشر من فبراير، من حيث الحرص على جعله طقسا لتبادل التهم وتوزيع صكوك الوطنية كل عام. فهل علينا أن تحمل كل هذا القيء المتبادل لبقية الأجيال القادمة؟
تتعمق انقساماتنا، كلما زادت أسبابها. ولا شيء مثل السخرية والشماتة يذكي العداوات ويوسع الانقسامات. فلا تجعلوا ديسمبر مناسبة للنكاية بالمؤتمر، ولا فبراير نكاية بالإصلاح، وتنسون ما وراءهما.
ذهب صالح بخيره وشره، ولا داعي لجعله رمزا للخيانة أو الوطنية. واجهضت ثورة فبراير، وفيها ما فيها. ولم تقم إلا على ظهور الشباب الأبرياء الذين دفعوا دمائهم من أجل حلم التغيير للأفضل.
الانشغال بصراع الحزبين الكبيرين، أضاع الوطن، وآن لهما أن يتفقا لاستعادته.
العجيب، إن من يذكي العداوات هم أفراد خارج إطار المسؤولية نحو هذا الوطن ونحو مستقبل الأجيال فيه.
النُخب الناشطة فقط في إيقاد الصراعات والمناكفات، لو سخرت أقلامها لتوحيد الصف لاختلف الأمر، وتقاربت المسافات، وعلت مصلحة الوطن على مصالح التكتلات.
لقد أفسحنا المجال للحوثية كي تهدم التعليم وتدفع إلى المستقبل قنابل طائفية مفخخة بنزاعات أشد ضراوة. تركناها تجرف الهوية اليمنية، وتعزز الطبقية، حتى على مستوى الشقاة والبسطاء.
فهل نبقى مشردين، ونتبادل التهم، ونترك الوطن للانقلاب الذي انقلب على كل اليمنيين، وننشغل بمكايدات الضرائر السياسية؟
الوطن، لن يعيده لأبنائه مفاوضات سلام، أو اتفاقات أممية. فهؤلاء لا يعيشون تضاريس العذاب اليومي لشعب مختطف بأكمله. ولا يهمهم لو استمرت المفاوضات عشرات السنين، يكون الداء فيها قد استشرى في جسد الجمهورية لتهلك.
لن يعود الوطن إلا بنية صادقة من أبنائه، وتوحيد صفهم، ونبذ خلافاتهم التي ينسل الأعداء من شقوقها. لن يعود إلا بتغليب المصلحة الكلية للشعب، وليس مصالح التكتلات الحزبية.
بعض التنازلات كفيلة بخلق تصالحات. وحين يعود الوطن، هناك مجال للتنافسات الحزبية الشريفة.
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية