تغيب المسؤولية الاجتماعية لدى كثير من التجار في اليمن ويزداد الجشع في ظل وضع إنساني سيئ يعيشه الناس وحرب منذ أربع سنوات، أفقدت المواطنين كل مصادر رزقهم بدء من فقدان الكثير أعمالهم وانقطاع الرواتب وحالة النزوح والمأساة التي تعيشها مئات الألاف من الأسر التي تتكبد المعاناة خلف جُدران المنازل.
أدى غياب الدولة خلال سنوات الحرب إلى استغلال بشع من قبل التجار للمواطنين في فرض أسعار مرتفعة على المواد الغذائية واحتياجاتهم، وما بين سندان الحرب ومطرقة جشع التجار الذين وجدوا في غياب الرقابة الحكومية فرصة ثمينة لزيادة أرباحهم رغم المأساة التي يعيشها الناس من حولهم، والتي لا تحرك فيهم القيم.
خلال الأيام الماضية شهد الريال اليمني تحسن كبير حيث هبط سعر الدولار من 760 ريال إلى 450 ريال، في حين غالبية الأسعار لازالت على ماهي على اعتبار ان الدولار بـ 800 ريال أثناء ما هبط الريال في سبتمبر الماضي، ورغم مرور شهر على انخفاض الدولار لكن معظم الأسعار لازالت لم تتغير ، بسبب حالة الجشع في التجار التي تستغل غياب الرقابة بشكل كلي من السلطات سواء في منطقة سيطرة الحوثيين أو سيطرة الحكومة الشرعية.
من المفترض أن يتعامل التجار بمسؤولية كبيرة تجاه أوضاع الناس المتدهورة لكن ذلك لم يحدث مطلقاً بل ما يحدث العكس تماماً، وعملت أيضاً ثقافة السلطات المسيطرة على تعزيز حالة الاستغلال ضد المواطنين من خلال التجاهل، أو ممارسة نفس السلوك فيما يخص المشتقات النفطية التي لازالت في سقف مرتفع مقارنة بالتغيرات التي حصلت في أسعار الدولار أو حتى الأسعار العالمية للنفط خلال الأيام الماضية.
لا يمل المواطنون من سؤال التجار المتكرر عن الأسعار بشكل يومي في كل المحلات على أمل أن يجدوا خبراً ساراً ان حاجتهم الأساسية أصبح سعرها أقل مما يخفف عنهم المعاناة الشاقة التي فرضتها الحرب، في المقابل يكرر التجار نفس الإجابة أن الأسعار لم تنخفض من عند المستوردين، أو بضائعهم اشتروها بسعر مرتفع، لكن هذه المبررات تكون غائبة من قاموسهم أثناء هبوط الريال، بل يعمدون على اغلاق محلاتهم إلى حين يكون متاح لهم البيع بسعر مرتفع.
قد تكون المقاطعة للبضائع وللتجار هي الحل الأقرب للمواطنين لإيقاف عبث التجار بمعيشتهم وقوت يومهم، لكن ذلك قد يحدث بشكل جزئ بسبب أن حالة الجشع عند التجار أصبحت ظاهرة جماعية يمارسونها على الناس، مثلا منذ أيام وأنا أشتري الروتي من المخبز ولم يتغير شيء سواء بالحجم أو العدد، سألت مالك الفرن أكثر من مرة، رغم ان الدقيق في محل الذي جوار معلن عنه بقيمة 10 ألف ريال، أي بنقص أربعة ألف ريال، وبكل جشع لا يخجلون من أنفسهم.
التجار الذين لم يخفضوا الأسعار بحاجة إلى سلطات صارمة وعقوبات وغرامات مالية كبيرة ورقابة مستمرة، لكي يتم إيقاف العبث بقوت الناس ومعيشتهم، الناس يعيشون في أسوأ الأحوال والحصول على المال ليس سهلاً في ظل الحرب، ومع هذا لا يزال التجار يتربحون من أوجاع الناس ومعاناتهم اليومية والسلطات تشاركهم هذا السلوك.
للأسف يتعامل التجار مع الناس بلغة الجشع وجباية أرباح أكثر ولا يكترثون لمعاناة المواطنين وحالتهم السيئة التي وصلوا لها، لذا لابد من حملة مقاطعة وتشهير بالتجار على كل المستويات حتى على المستوى الشخصي، لا تشتري من تاجر تعرف انه يرفع السعر أكثر من غير حتى ولو هي عشرة ريال، ومواجهتهم من أجل إيقاف هذا الإستغلال.
اقراء أيضاً
الصين واليمن
هل كان لدينا جيش؟
"غريفيث" وتسويق الوهم