استشهد "أنس" الشراعي في جبهة دمت ..، فاهتزت القلوب لرحيل شاب مثله من خيرة شباب مدينة إب؛ ثائر فبرايري، وشعلة متقدة للحلم، تنقلت روحه المضيئة بين ساحات الحرية حتى وصلت بين يدي الله شهيدا في الدفاع عن جمهوريته وحلمه بدولة مدنية.
غمر الحزن أفئدة الكثيرين، ممن عرفوا "أنس"، وغزاهم ألم كبير لفقد شاب متوهج الطموح، دمث الأخلاق، وأصبحت عبارة "كان شابا جدير بحياة أفضل، ناضل كثيرا من أجلها" مختصر لسيرة حياة قصيرة مفعمة بالحيوية.
"أنس"، ليس سوى واحدا من مئات الشباب الرائعين، الذين تركوا أثرا داميا من الحزن لرحيلهم المبكر؛ قوافل من الشباب ترحل في مختلف الجبهات كل يوم.
يصيبنا الهلع، ونحن نرى الوطن صوان عزاء كبير لشباب في عمر الزهور. كان يمكن أن يكونوا عامل نهضة للبلد وليس صور تعلق في الجدران ..!!
من أجل طغمة مستبدة لا تحمل الولاء لليمن، يذهب خيرة شباب البلد بين شهيد وجريح. استهانة مغرقة في التوحش نحو أرواح اليمنيين.
المطالبات بإنهاء الحرب، لم تعد ترفا أو هروبا من الحسم. فقد أزهقت هذه الحرب أرواح المقاتلين وأرواح الأهالي على حد سواء.
وأطلاق مسميات التحرير، التي تذهب مع الريح بعد أن تدفن مزيدا من الجثث والثكالى والحزانى بلا طائل، صارت استهلاك فقط لأرواح الشباب اليمنيين.
كان الحسم سهلا، لو كانت النوايا صادقة. لكن فكرة اجتثاث الجيش الوطني، كانت أكثر حضورا من فكرة الحسم العسكري.
من الصعب أيضا، أن نتهلل فرحا عندما تكبد قوات الشرعية خسائرا في أرواح طرف الحوثيين. فالغالبية منهم يمنيين ذهبوا للقتال تحت دعاوى التضليل التي تمارس ضد الشباب والقصر. أو الحاجة المالية بعد عملية الإفقار المتعمدة. بخلاف السلالة الهاشمية، التي تجيش أبنائها عن قناعة بهذه الحرب التي فرضوها على اليمن.
أولئك المئات الذين سقطوا في معارك الساحل، من الطرفين، هم ضحايا قادة الانقلاب الآمنين في قصورهم الباذخة، بعد أن خرجوا من كهوفهم متعطشين للموت والخراب. وما مشاهد الموت الجماعي إلا دافعا لإسالة المزيد منها كي يبقوا كسلطة حاكمة.
تفجير الأسرى في أحد الأحواش، مشهد لا يغفره ضمير البشرية، يدلل إلى أي مدى أرواح الناس رخيصة في الحروب.
جثث الأطفال دون الخامسة عشرة، التي تملأ شوارع المدن المحتلة كشهداء في سبيل جنون الحوثي، تثير الرعب والوجع.
الحرب ضربت في مقتل، فئة عمرية، هي قوام مستقبل اليمن. فئة فقدت كل طموحات الشباب في حياة كريمة. فلا تعليم ولا فرص عمل ولا وطن آمن.
حولتهم قسريا إلى الجبهات، بين طالب رزق، وطالب موت، وطالب وطن من براثن الانقلاب.
فهل تخضع سلطة الانقلاب لشروط التفاوض، بنزع السلاح، أم أن المفاوضات القادمة مساحة لأخذ النفس والتهيؤ لحرب أشد ضراوة، ضحيتها شباب اليمن من الطرفين؟
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية