قبل ثلاثة أيام، انطلقت عملية تحرير واسعة قام بها الجيش الوطني المرابط في مريس، محافظة الضالع، لبعض المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين من مديرية دمت.
 
 ومثلما سقطت دمت سابقا بطريقة مفاجئة وسريعة، نتيجة للإرباك الذي حدث عند قيادات المقاومة الوليدة حينها، فضلا عن قلة الإمكانات في الذخيرة والآليات العسكرية، وكذلك استشهاد أهم قياداتها في معركة ليلة الانسحاب، وهما: الشهيد نايف الجماعي، والشهيد باسل القاضي، رحمهما الله، أسقطت المقاومة كل تحصينات خط الدفاع الأول للحوثيين بنفس السرعة، برغم ما يتمتع به من تحصين وتعزيز استمر لثلاث سنوات.
 
جبل "ناصة" الاستراتيجي، والذي كان يرى البعض أنه من المبالغة أن يفكر أحد، لمجرد التفكير، بإسقاطه لما يتمتع به الجبل من ارتفاع شهق ومنحدرات حادة، وتحديدا في الجهات المطلة على مواقع المقاومة، سقط سريعا. وفي معركة دامت ساعتين، خسر فيها الحوثيين خيرة مقاتليهم، بالإضافة إلى خسارتهم العديد من الأسلحة المتوسطة والثقيلة.
 
وجرى الأمر نفسه، بالنسبة لمواقعهم المحصنة في جبل "التهامي". ذلك الجبل الذي دارات فيه أكثر المعارك منذ تحددت خطوط التماس بين كلا الطرفين، والذي رسمتها المقاومة بصمودها وقدرتها على إيقاف الحوثيين من الاستمرار في التقدم بإتجاه مريس. لقد أطلق أهالي المنطقة على هذا الجبل- والذي هو جبل متوسط الارتفاع- بجبل "الموت"، كناية عن حجم الخسائر في الأرواح والعتاد في صفوف الجيش والوطني، وكذلك في صفوف الحوثة.
 
تلا سقوط جبل "التهامي"، سقوط مواقعهم في كل من: "ظهر الحمار"؛ وكذلك في "مدر"، ما أسفر عن تحرير قرية "العرفاف" و"بيت اليزيدي".
 
 هذا بالنسبة للجبهة الغربية. أما الجبهة الجنوبية، وهي المحاذية لمواقع الحوثيين في "خارم"- وهو أحد الأودية التابعة لقرية "الحقب"، فقد شنت المقاومة عليه هجوما كاسحا من أكثر من جهة، أجبر الحوثيين على التقهقر والخروج منه باتجاه قرية الحقب.
 
 
 
 وحينها، كانت المقاومة قد وصلت الحقب من الاتجاه الغربي، ما دفع الحوثيين للخروج من قرية الحقب بعد اشتباكات عنيفة جرت بينهم وبين الجيش الوطني على أطراف القرية، استطاعت بعدها المقاومة وبضغطها المتواصل أن تدحرهم حتى تخوم مدينة دمت.
 
كانت المعلومات تتوارد، أن الحوثيين يسحبون قواتهم من دمت يائسين من إمكانية الاحتفاظ بها. لكن المقاومة، وللأسف، توقفت في آخر نقطة من الحقب، وعلى تخوم أول نقطة في بداية المدينة. كما لم تركز على أهمية سرعة السيطرة على السلسلة الجبلية المطلة على كلا من قريتي الحقب وبيت اليزيدي، ما شجع الحوثيون على التعزيز للاحتفاظ بالمدينة، وكذلك اعتلاء بعض القمم في هذه السلسلة الجبلية، والتي تدور الان معارك كر وفر، طاحنة، من أجل السيطرة عليها.
 
 بمعنى آخر؛ توقفت الحرب داخل قرية الحقب، ما ألحق بها كارثة إنسانية ودمارا كبيرا خلال ثلاثة أيام فقط. ثلاثة أيام، أمطرت فيها المليشيا القرية بمختلف قذائف الهاون والمدفعية وبشكل عشوائي، تهدمت على إثرها بعض منازل الحقب على رؤوس ساكنيها، ورحل فيها شهداء، ذكورا وإناثا. بينما يترصد القناص كل ما يتحرك في قرية الحقب لتناله رصاصته الغادرة. الحقب الآن تحت القصف وتنزف على مدار الساعة.