تشتعل مواقع التواصل في حمى تكهنات حول مهلة إنهاء الحرب، وهل ستكون النهاية بحسم عسكري كمعجزة بعد أربع سنوات من التقاعس؟
يؤجج هذا الأمل، توالي الانتصارات في مختلف الجبهات، في حالة غير مسبوقة، مع مخاوف الإغراق في التوقعات العسكرية الساحقة لما لها من محبطات جمة أيضا.
أم ستكون باتفاق سلمي له تنازلاته الكبيرة؟ البعض يبشر بانفراجة للوضع في حال الاتفاق السلمي، وتقديم بعض التنازل بحكم ذاتي للحوثيين.
إنها فوضى التحليل المخبري للوضع..
في الواقع، يوجد حرب موازية اشتعلت لأربع سنوات كاملة، لكنها تقريبا بلا مقاومة أو تغطية جوية، وتغفل عن خطورتها التحليلات المجهرية..!؛
حافلات المعلمين التي تتوجه لأخذ دورات تثقيفية في حوزات التشيع الخفية، والوعود السارة بإعداد منهج مبسط من ملازم القرآن النافق. غزو المساجد بخطباء السلالة، وعملهم الدؤوب في نشر أفكار الحوثية؛ دعاوى تكفير، وإهدار دماء من يرفض إدخال آل البيت "الأصليين" في المعتقد الديني، وإشراكهم بالعبادة والمحبة.
هذه الأمور، والكثير على شاكلتها، هي الحرب الفكرية التي لن تحسم بأي اتفاقات.
ما نثق فيه أنه لا يمكن نزع فكرة الأفضلية وحق الولاية من ذهنية الهاشمي. كما لا يمكن إلغاء الوجود الهاشمي في اليمن؛ كما لا يمكن إعطاء الهاشمية الحوثية جزء من هذا الوطن، لينطلق منه وينشر الفكر الحوثي العنصري المختل بكل أريحية وقوة معترف بها دوليا..!!
الأمر هكذا، يصبح اشبه بفترة كمون لسرطان خبيث سينفجر في حرب طائفية، بدلا من الحرب الأهلية الحالية.
الفتوحات الشرعية المتسارعة في الجبهات قد تكون مسببة؛ ميناء الحديدة واقع تحت سباق محموم بين الإمارات التي تمارس هواية جمع الموانئ وبين الحوثيين وما يمثله الميناء كشريان حياة لهم، وأيهما ينتزعه قبل انقضاء المدة.
بالنسبة لتحرير صعدة، قد يكون الأمر حماية للحدود السعودية، مع محاولة انتزاع أكبر قدر من المناطق قبل الاتفاق على تحديد منطقة حكم ذاتي. أو الضغط على الحوثيين بالرضوخ للمفاوضات، فقد رفضوها سابقا. وفي كلا الحالتين، يعد إهدارا لدماء الشباب من أجل مناورات سياسية بدون نية حسم أكيدة.
أطماع جماعة الحوثية، أكبر من جزء صغير للحكم الذاتي. كما يظن الكثيرون أن شمال الشمال هو الضحية. هم لن يقبلوا إلا كل المناطق التي تحت سيطرتهم؛ من عمران وحتى مدينة إب، وانتزاع ميناء الحديدة كمنفذ بحري.
إن فكرة التعايش في ظل قانون يحكم الجميع على مختلف طوائفهم ومعتقداتهم ويجرم الهاشمية السياسية كونها فكر عنصري أحدث انقلابا مدمرا داخل البلد، هو الحل الأقرب للحلم صعب التنفيذ، بسبب التدخلات الإقليمية الحريصة على وجود بؤر للصراعات.
يواكب هذا الحرص، غياب قيادات وطنية قوية ومخلصة، تقف في وجه الإملاءات الخارجية.
إن التفاؤل، أو التشاؤم، لن يأتي بغير الصورة الحقيقية التي في الواقع، وهي: أن الفكر الحوثي أشد قبحا من الحرب الحاصلة، وأنه يتمدد في عقول البسطاء والعامة، وبعض النخب أيضا.
وأن الحرب الحقيقية، هي حرب فكرية من أجل الحرية والمساواة والدولة المدنية واحترام الحقوق. فلا ولاية، ولا عنصرية، ولا إمامة متخلفة.
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية