خطوه مهمة ان يعود رئيس الحكومة إلى عدن لممارسة مهامه منها برفقة عدد من الوزراء، وما ينتظره اليمنيون هو عودة جميع المسؤولين المقيمين خارج البلاد، واستقرار رئيسها بشكل دائم في العاصمة المؤقتة، والبدء بالعمل على الملفات الاقتصادية.
لكن السؤال المطروح دائما هل الزيارة للبقاء بشكل دائم وإلا سيغادر بعد فترة قصيرة كما كان يفعل رئيسي الحكومة السابقين، ونبقى في نفس الدائرة نصارع من أجل أن تبقى الحكومة في عاصمتها، وتعود تلك المطالبات المكررة من جديد في أوساط الموطنين.
بدأ رئيس الحكومة الجديد "معين عبد الملك" حديثه الإعلامي بتحديد مهامه خلال الأيام القادمة وأكد انه سيكون مهتم بالملفات الاقتصادية والجانب الإداري فقط، ولن يتدخل في الملفين السياسي والعسكري، رغم ان مثل هذا الإعلان لا يتسق مع عمل رئيس الحكومة في دولة تعيش حالة حرب وحديث عن المفاوضات السياسية.
قدم سرد كامل للملفات الاقتصادية المهمة التي سيعمل عليها، لكنه لم يعد بشيء يمكن أن يقدمه وجعل الأمر مفتوحاً ورهين العمل والتعاون من كل أعضاء الحكومة، لم يحسم ولم يعد بشيء سوى العمل بكل جهد وانه "لن يدخر جهد" غير أنه قال "أنا لا أملك عصا سحرية" بمعنى ان الصعوبات كبيرة.
لا يريد الناس رئيس حكومة أن يملك عصا سحرية لحل مشاكلهم في غمضة عين، ولا أحد يتوقع أيضا أن أحداً يمتلك القدرات الهائلة التي ستجعل من حل تلك الملفات سهلاً ولا يستغرق مدة طويلة، بل ما يخشاه الناس ان تبقى "العصاء السحرية" مبرر مقدم للفشل ووضع مُقبلات لخيبة الأمل.
كثير من المهام التي تنتظر رئيس الحكومة الجديد ليست بحاجة إلى عصا سحرية في الحقيقة، بل إلى إرادة وإدارة شجاعة تستطيع أن تتخذ قرارات مصيرية تضع حدا للعبث الحاصل في البلاد، أقل شيء فيما يخص الحكومة وحالة الفساد الحاصل فيها وتثبيت عملها في المحافظات المحررة، وإنهاء حالة التضخم والفائض في المسؤولين الذين لا يقومون بأي مهام.
قد لا يكون منطقياً أن يتحدث رئيس وزراء بأنه لن يتدخل بالملف العسكري والسياسي، غير أن ذلك تعد صراحة مهمة من البداية وإن كانت مخجلة وتظهر حالة من التردي لدى المسؤولين الحكوميين، غير ان تقبل الناس لفكرة عدم التدخل سيكون مبرر له في حالة أنه حقق نجاح ملموس في الملفات الاقتصادية وإصلاح الخلل الحكومي الحاصل، أما ألا يحدث شيء فهي كارثة واستمرار لحالة الرداءة السياسية التي تعيشها البلاد.
لن يقبل الناس مزيدا من المبررات والكذب عليهم بعد أربع سنوات من الحرب والمأساة، لا أحد يريد أن يسمع تنظيرات وتوصيف للمشاكل والمعوقات، الناس بحاجة لنتائج وعمل ملموس ينعكس على حياتهم المعيشية اليومية في انخفاض المعيشية وتسليم الرواتب وخدمات وانهاء للمجاعة والأمراض المتفشية.
لا نريد من رئيس الحكومة الجديد أن يملك "عصا سحرية" إنما مسؤولية أخلاقية وإنسانية تجاه الشعب الذي يعتقدون أنهم يمثلونه، ليس من المنطق ان يبقى المسؤولين يعيشون برخاء ويتنقلون بين الدول ويتقاضون رواتب بالدولار ويؤمنون مستقبل عوائلهم والناس تموت من الجوع وسوء التغذية.
اللامسوؤلية أن يبقى المسؤول في منصبة لفترة طويلة يستلم مخصصات كبيرة ويسافر ويصدر قرارات وترقيات ويوظف عائلته ومقربيه، ولا يقدم أي نجاح في الملفات التي من المفترض انه قبل المنصب الحكومي من أجل حلها وهو يعرف مسبقاً صعوبتها، ومن ثم يخرج في الأخير يتحدث عن معوقات وانه لم يكن يمتلك "عصا سحرية" ما علينا حينها سوى أن نبصق في وجوههم جميعا.
اقراء أيضاً
الصين واليمن
هل كان لدينا جيش؟
"غريفيث" وتسويق الوهم