ثلاثة رؤساء للحكومة اليمنية خلال الحرب الجارية في البلاد منذ سقوط صنعاء في يد الحوثيين وإلى اليوم، تلك الحكومات المتتالية تشكلت وكأنها لا تعرف مهامها الاستثنائية خلال مرحلة معقدة يمر بها اليمنيين، حيث ظلت تكرر نفس تلك الأخطاء والكوارث والتي أودت في البلاد إلى أزمات خانقة.
في المراحل الصعبة من تأريخ الدول لابد أن يكون قيادتها ومسؤوليها استثنائيين بحجم التحدي الذي يواجههم، لا يمكن للمواطنين ان يقبلوا بالتبريرات الساذجة التي يكررها المسؤولين بأن الوضع لا يسمح لهم بان يقوموا بما يجب عليهم، إذا كان كذلك فلماذا يبقون في مناصبهم ويستلمون رواتب باهظة وهم غير قادرين على العمل.
مؤخراً أقال الرئيس هادي بن دغر وعيّن بديلاً عنه وزير الأشغال العامة معين عبد الملك رئيساً للوزراء مع الإبقاء على كامل أعضاء الحكومة الذين غالبيتهم لا يقومون بأي مهام إطلاقاً، بل أصبحوا يشكلون عبئ على الدولة وظهورهم الإعلامي مثير للسخرية والاستهزاء فقط، بسبب انهم لا يخجلون من فشلهم.
أمام رئيس الحكومة الجديد متطلبات ومهام واضحة يجب القيام بها فوراً وإذا كان يعتقد انه غير قادر فلماذا القبول بالتعيين، التأريخ لا يرحم وذاكرة اليمنيين تحتفظ بكل الخذلان الحكومي من المسؤولين الذين تعاقبوا على الوزارات والحكومة ولم يقدموا شيئاً، بل اتخذوا من مناصبهم فرصة للثراء وجني الأموال فقط، دون اكتراث لأوجاع الناس.
ما يريده المواطن اليوم بشكل عاجل هو إيقاف هذا الانهيار والنزيف بالعملة الوطنية، وبما ان رئيس الحكومة الجديد محل ثقة من قبل السعودية والإمارات فعليه استغلال هذه الثقة لتعزيز الاقتصاد والبدء بإجراءات عملية في فتح الموانئ والمطارات وتصدير النفط والغاز، وتجاوز كل المعوقات التي كانت تتعذر بها الحكومة السابقة.
كما أن عودة الحكومة إلى الداخل لممارسة مهامها سيكون له أثر كبير جداً في تعزيز حالة الثقة بين المواطنين والدولة، ويستطيع رئيس الحكومة الجديد ان يفعل ذلك كون معوقات عودته إلى العاصمة المؤقتة عدن تبدو أٌقل كون تعيينه يعد من مطالب المجلس الانتقالي الذي عمل من خلال قوات موالية له على تقويض عمل الحكومة السابقة، وبهذا يستطيع التعامل معهم وإخضاعهم لسلطة الدولة.
امام رئيس الحكومة الجديد أيضاً التخلص من الطاقم الكبير في أعضاء الحكومة والنواب والوكلاء وإعادة هيكلة وزارة الخارجية والنظر في الفائض في طواقم السفارات اليمنية الذي انتشرت قضايا فسادهم خلال الفترة الماضية، تلك مهمة ضرورية فالبلاد تعيش بحالة حرب والناس يموتون جوعاً وعدد من المسؤولين يتقاضون رواتب بالعملات الصعبة ولا يفعلون شيئاً، هذه كارثة فعلا وحالة فجة ومستفزة وفساد مُعلن من سبق الإصرار، فالوضع يقتضي حكومة مصغرة من مسؤولين استثنائيين قادرين على العمل وتحقيق تحول في حياة الموطنين التي تسوء يومياً.
هذه هي المهمات المعروفة التي لابد من القيام بها من قبل رئيس الحكومة الجديد، اما المهمات المعقدة فالناس جميعاً باتو بقناعة أنها لن تحل على مستوى الحكومة والوجوه المكررة التي يتم تدويرها كل مرة، تلك المهمات تتحدد في مستقبل البلاد ومسار الحرب الضائع والممارسة الطائشة للفصائل المسلحة في الجنوب والمدعومة بشكل واضح من الإمارات، القرار السيادي المنزوع.
وكي لا تضيع الحكومة في هذه المتاهة المعقدة عليها ان تركز على معيشة الناس المتدهورة ومحاولة تطبيع الحياة العامة ولو حتى بشكل نسبي، النظر باهتمام لأوجاع الناس اليومية وإيقاف العبث بمقدرات الدولة والفساد الحكومي الكبير، حيث تحولت الحرب عند كثير من المسؤولين إلى تجارة رابحة استطاعوا من خلالها بناء استثمارات وتأمين مستقبل أبنائهم فيما المواطنين يأكلون أوراق الشجر.
اقراء أيضاً
الصين واليمن
هل كان لدينا جيش؟
"غريفيث" وتسويق الوهم