كل الأطراف اليمنية المتواجدة في المشهد كانت أحزاب معارضة، بما فيها المؤتمر الذي أصبح معارضا لأحزاب المعارضة منذ العام 2012، وبما فيهم الحوثيين أيضا.
كانت مطالب الأحزاب أيام المعارضة هي ذات مطالب الشارع اليوم، مكافحة الفساد وإلغاء المحسوبية والوراثة وتحسين الوضع الاقتصادي وتوفير متطلبات الحياة البسيطة.
استطاع الحوثي بجنونه أن يدمر قيمة المعارضة كأحزاب كانت قادرة على اتخاذ مواقف وأيضا كان لها اليد الطولى في التهديد (بخطوات قادمة)..
الخطوات القادمة التي كانت تهدد بها الأحزاب كانت تلقى صدى وكان طرفي المعادلة يصلون إلى نقطة وسط، يتم من خلالها معالجة بعض الإشكالات.
تجرد الشارع اليوم من الأحزاب المتحدثة باسمه والمطالبة بحقوقه الدنيا، وأصبحت هذه الأحزاب غير قادرة على ثمثيل مطالب الشارع، خصوصا أنها هي المشاركة بالفساد والمحسوبية والبعد عن الواقع.
بيانان صدرا عن الأحزاب بعد الاختلاف بينهم بسبب بعض الفقرات وتسببت هذه الحركة بإحراق فكرة البيان ومر مرور الكرام برغم المطالب التي كان يفترض أن تخلق ردة فعل مساندة شعبيا.
تلك المطالب المتعلقة بالفساد الإداري داخل الحكومة الشرعية والمطالب بإلغاء القرارات والتعيينات والعقود غير القانونية كان يفترض أن تكون أولى خطوات تحريك الواقع الحكومي المغرق في الفساد والمحسوبية.
كأن الأحزاب تعمدت إحراق مثل هذه الورقة لأنها هي أساسا متورطة في ملفات الفساد الإداري وفساد التعيينات وتقاسم المناصب التي يتسلم أصحابها رواتبهم بالعملة الصعبة وهم يقيمون خارج البلاد.
كانت الأحزاب في الماضي تتشدق بالقانون، واليوم أصبحت أول الأطراف المدمرة للقانون، فلو أرادت هذه الأحزاب أن تصلح شيئا من الخراب لفعلت باجتماع مشترك واحد.
إذا كانت الأحزاب المهاجرة لم تُرَبِّها الحرب طوال ثلاثة أعوام فإن هذه كارثة تستدعي التدخل من قبل كوادر جديدة داخلها، وهذه الكوادر مطالبة اليوم بالضغط على قياداتها وعدم تركهم يقودون هذه الأحزاب إلى التفتت.
لو تأملنا في الصراع بين أحزاب اللقاء المشترك (سابقا) فإنه صراع شكلي يخجل المرء من التحدث عن تفاصيله، فالجميع مقتنعين بأن العدو الأول هو الحوثي، والجميع مقتنعين بمخرجات الحوار، لكنهم مختلفين في تفاصيل صغيرة جعلوها مشكلات أساسية.
اليوم أصبح من الضرورة أن تقوم هذه الأحزاب بمؤتمر مصالحة بينها البين، فلن تظل اليمن في حالة حرب، ولن تظل القوى الإقليمية على ذات المواقف، فالداعم لهذا الحزب سيتحول غدا لدعم نقيضه..
اليوم نحن بحاجة لاستعادة نخبة سياسية تفكر للغد، وعقول الأمس مع الاحترام أصبحت أدمغتها متجمدة عند تاريخ الأمس ولا يصلح للغد، هذه العقول تستحق منا أن نشكرها على محاولاتها بالأمس ولكن سنكون ممتنين لو ساهمت بالتهيئة لقيادة جديدة، تؤمن بمتطلبات الغد وتنظر لأدوات مختلفة لإدارة هذه المكونات.
من مصلحتنا أن تتجدد حياة هذه الأحزاب، لذلك يجب أن يتنازل كبارنا لقيادات أخرى ولو حتى تدريجيا، أما بقاء الحال على ما هو عليه فهو مهدد لوجود هذه الأحزاب كليا.
القيادات التي لم تستطع إنجاز توافق على فقرة في بيان مطلبي فإنها لن تستطيع أن تنجز أي مشروع يهم عشرات الملايين من الناس.
اقراء أيضاً
طفولتنا السبتمبرية
الحِنيّة البريطانية بين الحديدة ومأرب!
طارق.. قبعة أصغر من رأس تعز