للسنة الرابعة يلوح عام دراسي جديد ومجهول التعليم الأشد حلكة وهمّا على القلوب. ككل شيء في اليمن كان سيئا فأصبح أسوأ ما يكون.
ففي مثل هذه الأيام كان الأهالي يعدون العدة لاستقبال العام الدراسي باهتمام وفرحة تراها في عيون الأطفال. فوحدهم لم تنطفئ حماستهم للدراسة مع كل هذا الفشل الذريع.
يترقبون بداية العام بشوق من نسى خيبات العام الماضي؛ وحدهم يفرحون أنهم كبروا عاما جديدا ويكبر الهمّ في قلوب الكبار أعواما.
أحد الآباء يقول: "وصل بنا الحال أننا لا نعرف أين نذهب بأولادنا كي يدرسوا، وليس من أين نوفر لهم مستلزمات الدراسة وتكاليفها.. لم يعد هناك تعليم فعلي في المدارس الحكومية وتكاليف المدارس الأهلية باهضة يعجز عنها المواطن الذي لا يملك قوت يومه" !!
فهل أصبح التعليم حكرا على الأغنياء والميسورين فقط؟ ليعود الجهل عند عامة الشعب كما في الإمامة الأولى !! وفيما أبنائهم يتلقون التعليم في الخارج، نجد أبناء الفقراء يستقون الجهل والخرافة في الداخل؛ لهم الشوارع وحياة الجهل الذي ينقاد به البشر دائما !!
إحدى الأمهات أقرت بعدم جدوى الذهاب إلى المدرسة لأبنائها الأربعة الذين في المرحلة الابتدائية قائلة: لا يوجد مدرسين ولا دراسة ولا كتب ولا مصروف للذهاب إلى المدرسة؛ يجلسوا في البيت مثلنا فأنا وأبوهم ما درسنا أصلا !!
سابقا؛ فرض التعليم الأهلي نفسه كحل بجوار المدارس الحكومية، وكان مُرحبا به لشحة مدارس الدولة، ولأن كل استثمار يعود بالنفع على المجتمع أمر محمود يُشكر القائمون عليه.
إنما مؤخرا صار التعليم الأهلي أشبه بسوق سوداء للتعليم؛ فهناك ازدهار لافت للمدارس الخاصة، يقابله تردي ساحق في التعليم الحكومي. فلا صيانة ولا ترميم ولا استعداد في المدارس الحكومية؛ لا حقوق للمعلم ولا حرص على إقامة عملية تعليمية متكاملة..!
المعلم أهم أركان العملية التعليمية مهدود تماما، ولا نية لدى الكثيرين في الالتحاق بالعملية التعليمية وإنما البحث عن عمل بديل في السوق السوداء للتعليم.
لا كتب مدرسية تم توفيرها في الثلاثة الأعوام السابقة، وأخبار عن منهج تعليمي أعده الحوثيون يتم فرضه كمنهج دراسي للمناطق الخاضعة لسيطرتهم.
المدارس الحكومية يلجأ إليها طبقة الكادحين الذين امتصت الحرب والغلاء مقدرتهم على دفع مبالغ كبيرة من أجل الدراسة، ومع ذلك يستمر حلب المال من الأهالي وما أكثر أسباب فرض الإتاوات على الطلاب...!
المدارس الخاصة استثمار تستفيد منه المليشيا كمصدر دخل جديد؛ حيث يتم فرض مبلغ مالي تدفعه هذه المدارس مقابل رأس كل طالب من أجل رفد الجبهات بالمال.
مستقبل أسود يعم الوطن في كل شئونه ونواحي حياته؛ فلا أمان ولا تعليم ولا أمل في تغيير أو تحسن للأوضاع، ولا التفات من الحكومة الشرعية أو حكومة الانقلاب لحال هذا المواطن.
السوق السوداء أحالت حياة الناس إلى سواد؛ الغاز المنزلي سوق سوداء؛ النفط سوق سوداء.. ومؤخرا الماء سوق سوداء..؛ وحتى الطب والتعليم...!!
يتم اهمال المدارس والمستشفيات الحكومية على حساب الاستثمارية التي تنتزع عافية المواطن من غلاء أسعارها !!
هي الحياة نعيشها سوداء كالحة .. بل هو السواد في أنصع صوره !!
اقراء أيضاً
عمل المرأة بين الحرية والاضطرار
اليمنيون بين قصفين
مستقبل اليمن في إحياء القومية